المقالات

الأطفال ذاكرة الأجيال

في حديثٍ عابر في أمسية دورية؛ طَرح أحد الزملاء تساؤلات عدة عن عادات وطقوس مناسبات الزواج في بعض المناطق من مملكتنا الحبيبة، وهل هي امتداد لعادات متوارثة تُعبر عن هوية المنطقة؟!
تساؤلات فتحت باب الحوار في أكثر من اتجاه حول الموضوع، وشجعت على المشاركة امتعاضًا أو تأييدًا، ونالت دعوات الزواج وصياغة عباراتها الحظ الأكبر من التعليق والطرح الساخن.
فالممارسات أو كما أسماها البعض تقليعات، وليست عادات في التأكيد على منع حضور الأطفال قد تكون عقبات لبعض الأسر، تمنعهم من إجابة الدعوة وحضور المناسبة؛ وخاصة إن كانوا من الأقارب فإن مناسبات الزواج بأجوائها المبهجة وأفراحها المنتظرة من أهم فرص التواصل وصلة الأرحام، وتجديد العهد بالأهل والأحباب والأصدقاء.
وبدأت الرغبة في عدم تمكين الأطفال ذكورًا وإناثًا من حضور المناسبة منذ سنوات لدى بعض أصحاب مناسبات الزواج حتى كادت تصبح عادةً عند الكثيرين، وواكب تلك الرغبة تخفيفًا في لغة الدعوة مِن عبارة “يُمنع حضور الأطفال” إلى “جنة الأطفال منازلهم” ومثيلاتها من عبارات مُنمقة ظاهرها الدعاء وباطنها الإقصاء لزينة الحياة، وبالنظر إلى ما نُلاحظه اليوم من صور العلاقات خلال التجمعات العائلية وطغيان الطابع الرسمي عليها، وتكاسل المراهقين عن الحضور حتى ولو كان بحجة عدم وجود من يُقاربه في العمر، وكذلك تفنن هذا الجيل في الإعداد لمناسبة الزواج وشغف العرائس للمحاكاة والتقليد لما ينتشر في وسائل التواصل والأفكار الحالمة للاحتفال بتفاصيل غريبة أحيانًا عن عادات الأهل، والتكاليف الباهظة لمتطلبات تلك الليلة التي تُثقل كاهل العريس، وتساهم في عزوف الشباب عن الزواج؛ لربما هي بعض نتائج تفويت فرص المشاركة عليهم في صغرهم، وقد نجد لهم العُذر في نشوء ثقافات جديدة لديهم في طبيعة العلاقات المجتمعية ونظرتهم لحياتهم اليومية والمستقبلية مما يحمّلنا جميعًا مسؤولية أكبر تجاه أبنائنا للمحافظة على ثقافات مجتمعنا الأصيلة، وترابطه ونقلها عبر الأجيال.
رحم الله آباءنا كانوا أكثر حرصًا وحكمةً، حضرنا صغارًا وتَذَكرنا كبارًا.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button