يتبوأ الاستثمار في التعليم مكانةً مهمةً بين أولويات الاستثمار، يوجه إليه ما يكفي من مُخصصات في ميزانية الدولة، وتحقيق عدالة توزيع الاستثمار في التعليم بين مختلف فئات المجتمع، وكذلك بين مختلف وجهات ومسارات التعليم؛ حيث أكدت تقارير اليونسكو أن هناك علاقة مهمة وإيجابية بين الاستثمار في التعليم والنمو الاقتصادي في جميع دول العالم.
ويتأثر الاستثمار في التعليم بعوامل عدة منها: قصور في توفير الاستثمارات اللازمة لتنفيذ خطط وبرامج التعليم العام والعالي والفني والتقني من ناحية، وسوء استغلال المتاح من هذه الاستثمارات من ناحية أخرى؛ وذلك بسبب ضعف كفاءة استخدام الاستثمارات المتاحة.
ويجب التأكد من جدوى الاستثمار في التعليم؛ بحيث يُصبح العائد من الاستثمار يفوق الإنفاق عليه وبما يتوافق مع متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة، حيث تؤكد الدراسات أن معدل العائد الداخلي (IRR) للاستثمار في التعليم سواء للفرد أو المجتمع مرتفع نسبيًا مما يعكس أهمية الاستثمار في التعليم، وتوجيه الموارد نحو التوظيف الأمثل لها.
إن تحقيق كفاءة الإنفاق على التعليم تكون بتعظيم الأثر مقابل الصرف من خلال الاستغلال الأمثل للموارد، ومعالجة أنواع الهدر المختلفة بما لا يؤثر على جودة التعليم.
وتعتمد كفاءة الإنفاق في المؤسسات التعليمية على عناصر عدة متداخلة ومتفاعلة منها: معدل الطالب لكل مُعلم أو طالب لكل عضو هيئة تدريس ومستوى كفاءة الجدول الدراسي ومستوى الإشغال للشعب والمجموعات الدراسية، وتطوير خطط التوظيف والابتعاث؛ لتحقيق الاستفادة المُثلى من القوى العاملة وفق اللوائح المعتمدة.
والاستغلال الأمثل لمنشآت ومرافق المؤسسة التعليمية يسهم في رفع كفاءة الإنفاق ويحد من التوسع في المشاريع الرأسمالية، أو التوسع في استئجار المباني والمنشآت، مع تقييم دوري لمستوى كفاءة الإنفاق في هذا الجانب، من خلال إجراء مراجعات دورية لمستوى إشغال المباني والقاعات الدراسية، وأيضًا ترتبط كفاءة الإنفاق للمنشآت والمرافق بكفاءة تشغيلها والاستفادة منها، واستغلالها أفضل استغلال في تحقيق الأهداف التعليمية، وممارسة الأنشطة المختلفة.
وتعتبر الكوادر البشرية المؤهلة أحد أبرز دوافع التنمية الاقتصادية، ومن أجل تحقيق أعلى عائد من الاستثمار والإنفاق الحكومي على هذه الخدمات، من المهم العمل على تحسين مستوى فاعليتها من خلال تقييم الخطط والبرامج والتخصصات الدراسية مع متطلبات التنمية ومستهدفات رؤية 2030، واحتياجات سوق العمل، ورفع كفاءة تقديم وتشغيل الخدمات باستخدام الحلول التقنية وتفعيل التعليم الإلكتروني.
ومن أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لضمان توفير البيئة المناسبة لتقديم العملية التعليمية، من المهم أن تكون كفاءة التشغيل للموارد المادية والبشرية وتقديم الخدمات التعليمية والمساندة بالشكل الأمثل ووفق أفضل المعايير والممارسات العالمية والمحلية، والعمل على رفع كفاءة الإنفاق عليها.
ولرفع كفاءة الإنفاق في تدريب الكوادر البشرية وتنمية قدراتهم من المهم أن تعمل المؤسسات التعليمية على تطوير مصفوفة من المهارات وتحديد الفجوات والاحتياجات التي سيتم اكتسابها بالتدريب وخطط وبرامج التنمية البشرية، ولضمان كفاءة التشغيل ينبغي توفير البرامج التدريبية المُناسبة لكل موظف، وتحديد البدائل المختلفة للتدريب والتطوير.
ويعتبر البحث العلمي وظيفة أساسية للجامعات والمؤسسات العلمية، ولرفع كفاءة الإنفاق في تمويل الأبحاث العلمية، والعمل على زيادة الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية، ولضمان كفاءة التشغيل للبحث العلمي ينبغي تمويل الأبحاث العلمية التي تتواءم مع التوجه العلمي للمؤسسة التعليمية، وبما يتفق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، والعمل على استكشاف متطلبات واتجاهات السوق فيما يتعلق بأنشطة البحوث والتطوير، وبحث مصادر تمويل بديلة وزيادة إيرادات الأبحاث والمعاهد البحثية، وكذلك استغلال المعامل والأجهزة البحثية.
وتعتبر التجهيزات التقنية والتكنولوجية ممكنات أساسية للمؤسسات التعليمية لتقديم خدماتها المختلفة، ولرفع كفاءة الإنفاق على التجهيزات التقنية والتكنولوجية ينبغي إجراء تقييم دوري لها، وجدوى استغلالها وتوظيفها لخدمة العملية التعليمية، والتأكد من كفاءة التشغيل لها بما يعكس مقدار الإنفاق والاستثمار بها.
ومن المهم أيضًا رفع كفاءة الإنفاق في المستلزمات التعليمية والمكتبية من خلال تحديد الاحتياجات الفعلية لها كمًا ونوعًا، وتمكين القطاعات التعليمية المختلفة من الاستفادة من تلك الموارد، وتوظيفها لخدمة العملية الإدارية والتعليمية، وبما يسهم في تحقيق الأهداف.
إن نجاح الاستثمار في التعليم يُقاس بمعدل العائد منه
والاستثمار في التعليم يرتبط بكفاءة الإنفاق
والعائد من التعليم يرتبط بكفاءة التشغيل
وتحقيق التوازن بين كفاءة الإنفاق وكفاءة التشغيل يتطلب إدارة جيدة متمكنة للمؤسسات التعليمية.
– أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي
زادك الله علما دكتور خالد