المقالات

عندما يكون الأب ظالمًا..

■ أبكاني ذلك الشاب وأبكتني قصته مع والده الذي يدعي أنه ظالم .. ورغم ظلمه إلا أن الشاب بار به لدرجة أن خسر مستقبله، وأصبح ضمن قائمة المفسدين …
لا أحب أن أرهق عقولكم بتفاصيل القصة …

الشاب يُعرف في حيه بأكبر لص محترف المهنة بدرجة خبير أو الدكتور حرامي.

جلست معه وسألته… هل أنت تعي ماذا يقولون عنك في الحي؟

قال: نعم يُنادوني بالدكتور حرامي .. وهل أنت مُستأنس بهذا؟ يقول: ..لا. ولكن أحس أنه ذنب أهون من ذنب.
زادني الأمر فضولًا أن أعرف أهون من أي ذنب … رفض الإجابة وقال: اتركني وشأني.

قلت: لماذا ..؟ رد وقال أخاف من غضب الله وعقابه.

قلت له: ماذا يدور في حياتك من هم وغم ..؟!! أكيد تُعاني من أمرٍ ما .. أخذ يبكي وأبكاني معه، وقال: إنه والدي نعم والدي .. هو الظالم ظلم نفسه وظلمني معه حيث أهمل في تربيتي بل هو السبب فيما أنا عليه … وتركته يبكي حتى يغسل عيونه من دمعه ويشفي علته، ويصحى ضميره … هنا وبعد أخذ لقسط من الراحة… أخذ يسرد لي علته وعلة والده ..

قال: إن والدي “أُمي” لا يقرأ ولا يكتب وعاطل عن العمل، ومعيشته على الضمان وحساب المواطن ومغنينا جميعًا ولله الحمد … إلا أنه كان يأمرني بل ويطردني من البيت بحجة البحث عن الرزق بأي صورة كانت، ولم أنجح في ذلك رغم شغفي في الدراسة إلا أن تسلط والدي وجبروته حال دون إكمال دراستي .. وحتى أرضيه وأساعده في جمع المال تعلمت فن السرقة ولم يسألني من أين لك هذا ..؟ بل يصفق بحرارة ويقول هذا هو البر .. إلى أن موّت ضميري فتأقلمت مع ظروف هذه الحياة .. وكنت أفكر هل أعصي والدي وأغضبه وأمتنع عن هذا الطريق أو أرضيه حتى يحدث الله أمرًا كان مفعولًا… وهذا الذي جعلني أطلق على والدي بالظالم.. هنا
اتضحت لي القصة …
وقلت له باختصار … أنت أيها الشاب الطموح .. لقد نظرت إلى القضية من باب البر فقط، ولم تنظرها من باب المقارنة ما بين حب الله وحب والدك أو ما بين غضب الله وغضب والدك بل جعلت همك رضا والدك، ولم تفكر في رضا رب والدك وربك، وقد أهملت أولويات الطاعة والرضى والخوف .. واكتفيت بمغزى الشيطان الذي زين لك عملك، وجعلت والدك شماعة لأعذارك الماجنة… فتُب إلى الله واعلم أن الله لا يرضى بالمعاصي وطاعة الوالدين واجبة إلا في معصية الخالق.

ثم وضحت له أن والدك جاهل وأُمي وغير متعلم، وأنت تعلمت وتحمل أزرك وأزر والدك الذي تضحك عليه بالرزق الحرام، وقد يظنه رزقًا من عرق الجبين الشريف..
عندها تحسّرت على البكاء والحزن على ذلك الشاب الظالم .. نعم هو الظالم الذي ظلم نفسه وظلم والده أيضًا، ولو أن والده متعلم لكان هو الظالم … أو قد يكون يعلم بسلوك ابنه ولم ينكر عليه فهنا يكون الأب هو الظالم .. ففعلًا عندما يكون الأب ظالمًا كيف يكون مستقبل أسرته…؟!! الضياع والفساد وظهور الفتن ما ظهر منها وما بطن…
فاليوم ولله الحمد نعيش في قمة الرقي والازدهار، وأمن وأمان واستقرار ونعم الله كثيرة .. فولاة أمرنا -حفظهم الله- راعوا ذلك الأمر؛ فدعموا الضمان الاجتماعي ودعموا حساب المواطن؛ وكافحوا الأمية وأنتشرت صروح التعليم في كل مدينة ومنطقة، حتى ينعم الجميع بعيش كريم …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى