المقالات

الحياة وفن التعايش الإنساني ..

تُعقّب صديقـتي على إحدى مقالاتي قائلةً:
“إنني أبكي الآن من كل الأشياء التي عاهدت نفسي بالأمس أن أتجاوزها، والتي دعوت الله مرارًا وتكرارًا من أجل أن أتخطاها بقلب كامل الجلادة، ولكن لا جديد يُقال ولا قديم يُعاد فالبداية هي نفسها، والقصّة لم أجد لها نافذة بعد!”

من ذات النقطة أحاول أن أوازن بين تلك القصة التي ختمت بها صديقتي حديثها وردّة الفعل للوصول إلى نقطة التقاء قد اتفقنا عليها واختلفنا حولها ..

الإنسان بطبعه كتلة من المشاعر والأحاسيس والذكريات والقناعات التي يؤمن بها، ويدافع عنها وأخرى لا يؤمن بها ولا يتوقف عندها، وتختلف أجناس البشر في نظرتهم للحياة مع مراعاة الظروف البيئية والاجتماعية التي عاشها هذا الإنسان وشكّلت الكثير من شخصيته إزاء الحياة ؟!

لا يمكن للإنسان يا صديقتي أن يعيش بمعزلٍ عن ذكرياته والمواقف التي تمر به ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، وعن تلك النجاحات التي حققها والخيبات التي عانى منها، وحين نستعيد النجاحات والخيبات قد نجد أنفسنا وقد تكوّنت لدينا صورة شمولية عن الحياة، وأن هذه المواقف التي تمر بنا صحيّة وطبيعية في ظل التعايش مع الحياة ومحاولات البحث المستمرة عن الأمل والتفاؤل نتمثّل قول الشاعر:
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ
فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ

إنّ الانعتاق من سوداوية الصورة الذهنية التي قد نحكم على أنفسنا بها، وهي في حقيقتها مُجرد تصورات، ونظرات شخصية بالدرجة الأولى فليست كما نعتقد ونتصور ونحلل ونُبالغ فيها بشكل كبير؛ فالحياة في في عمومها ليست ذاك الجزء الخاص والذي بنينا عليه الكثير من قناعاتنا المغلوطة والتي قادتنا مع الوقت؛ لأن تصبح قناعة صلدة صلبة لا يمكن نقاشها ولا حتى الاقتراب منها ؟!

إن التعايش مع الماضي على أنّه ماضٍ يُستحال إعادته للحاضر وأن الحاضر هو سيد الواقع الحالي، وأن المستقبل في علم الغيب هي بداية التصالح مع الأزمنة في نظرتنا الإيجابية للحياة، وأن العيش في الماضي واستحضاره على الدوام في زمنٍ ليس زمنه هو إحراق للحاضر هذا الحاضر الجميل الذي ينتظرنا بكل تفاصيله المضيئة هذا التصالح الإنساني المُتوازن بين العقلانية والعاطفية، والاستعانة بخبرات الماضي لنجاح الحاضر الذي يُمهد للمستقبل الأجمل -بإذن الله تعالى-.

فكرة أخيرة:
الحياة جميلة بالتعايش الإنساني مع الذات أولًا ومع الآخرين آخرًا، وصناعة الفرح والابتسامة والبحث عن الشمس والضوء والأصدقاء الذين يمنحوننا الطاقات الإيجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى