عند البحث عن مصدر كل ما هو جميل في هذه الحياة الدنيا؛ فإننا بدون شك نجد أن الأم هي المنبع لهذا الجمال، الأم هي الصديقة الأولى والأخيرة، إنها صديقة الأمس واليوم والغد، شخصيًا عندما أنظر إلى وجه والدتي الحبيبة-أطال الله عمرها في صحة وعافية- أرى أمام عيني حبًا سيظل -بإذن الله- مُلازمًا لي ما حييت، حب والدتي هو الوقود الذي يجعلني قويًا وقادرًا على فعل أي شيء، كيف لا؛ والجنة تحت أقدام الأمهات.
دعاني للكتابة رسالة على الواتس وصلتني من ولاية “أوريغون” الأمريكية بعثها الصديق العزيز المهندس “محمد فطين”، أمريكي من أصول مصرية، كان يعمل معي مستشارًا للجودة والابتكار حين شرفت بتقلد منصب وكالة الأعمال والإبداع المعرفي في جامعة أم القرى إبان إدارة معالي الأخ الكريم الدكتور وليد بن حسين أبو الفرج.
الرسالة عن قصة أغنية “ست الحبايب” ، بعد أن اضطلع على مقالي عن “الأم والأخوال” في صحيفة “مكة” الإلكترونية منذ أيام، أترككم مع الرسالة:
ذهب شاعر الحب والمرأة والأم الشاعر المصري “حسين السيد” في بداية الستينيات من القرن الماضي، وبالتحديد في 20 من مارس عام 1958م، لزيارة والدته في ذكرى يوم الأم في مسكنها بأحد الأحياء الشعبية القريبة من مسكنه، وكان مرتبطًا بها ارتباطًا وثيقًا؛ نظرًا لأنه الابن الوحيد لها ، ودائمًا ما كان يدللها ويناديها باسم “ست الحبايب”، وبعد أن صعد السلم ووصل إلى شقتها بالدور السادس من العمارة، اكتشف أنه نسى شراء هدية لوالدته بهذه المناسبة، وكان من الصعب عليه نزول السلم مرة أخرى، فوقف على باب شقة والدته وأخرج من جيبه قلمًا وورقة، وبدأ في كتابة الأغنية الخالدة الشهيرة ” ست الحبايب”، ثم طرق باب الشقة وأسمع والدته كلمات الأغنية التي كتبها ووعدها بأن إحدى النجمات ستقدمها غدًا في الإذاعة.
وبالفعل اتصل بزميله الموسيقار الكبير “محمد عبد الوهاب” والذي بدوره أعطى العمل للمطربة الشهيرة “فايزة أحمد”، وفي صباح اليوم التالي الذي صادف ذكرى عيد الأم، غناها في البداية الموسيقار “محمد عبد الوهاب” على العود فقط.
ومع نهاية اليوم نفسه كانت المطربة الشهيرة “فايزة أحمد” تشدو بها في الإذاعة بالتوزيع الموسيقي؛ وبذلك أوفى الشاعر “حسين السيد” بوعده لوالدته، لتصبح بعدها هذه الأغنية أيقونة الأغاني التي تعبر عن الحب والامتنان والتقدير للأم، وعلى الرغم من صدور العديد من الأغاني بعدها التي تتغنى بحب الأم، إلا أن أغنية “ست الحبايب” الجميلة تعد من أبرز وأروع الأغنيات التي قدمت حبًا وتقديرًا للأم.
إنها أغنية تُعايش الماضي والحاضر، أغنية سطرت إيقاعاتها ميراثًا غنيًا للأجيال، إنها تُجسد الواقع وما يحمله كلٌّ منا تجاه “ست الحبايب”.
0