في ضوء التوجهات الحديثة لتطوير المنظومة المدرسية من خلال التمكين الإداري للقيادات المدرسية، نستذكر معادلة التمكين الإداري التي ذكرها كلٌّ من (Bowen and Lawler, 1995) وهي أن معادلة التمكين الناجحة داخل المؤسسات يجب أن تكون على النحو التالي:
التمكين = القوة + المعلومات + المعرفة + المكافآت والحوافز
وغياب أي عنصر من هذه العناصر سيجعل نتيجة التمكين دون المأمول.
ومما لا شك فيه أن التمكين الإداري يعتبر استراتيجية إدارية تنظيمية تدفع القيادات المدرسية بمختلف مستوياتهم الإدارية؛ لأن يقدموا أفضل ما لديهم من إبداعات خلال الممارسات اليومية لمهامهم الإدارية، وبذل المزيد من الجهد المميز وصولًا لنجاح المدرسة في أداء رسالتها، ويتأتى هذا النجاح عبر التمكين الإداري الفاعل للقيادات المدرسية، ووصولًا للكيفية التي يعمل من خلالها التمكين الإداري على تطوير الممارسات الإدارية وتحسين أدائها، ونذكر هنا بعض الممارسات التي تساعد على تمكين القيادات المدرسية وتطوير أدائها بشكل مستمر.
أولًا: منح القيادات المدرسية حرية الإدارة والتصرف في عمليات اتخاذ القرارات عبر توسيع مساحة الصلاحيات الممنوحة لهذه القيادات، وتهيئة بيئة إدارية مناسبة لممارسة مهامهم الإدارية، ومع الاستمرار سنلاحظ أن الممارسات الإدارية قد تطورت، والأداء لهذه القيادات قد تحسن. وليس من المقبول في ضوء التمكين الإداري للمدرسة أنه لا يستطيع مدير/ة قبول طالب/ة أو نقل طالب/ة في المدرسة إلا بموافقة موظف/ة في إدارة التعليم أو مكتب التعليم، ونقيس على ذلك الكثير من الصلاحيات والممارسات الإدارية التي يجب تمكين المدرسة فيها.
ثانيًا: يعمل التمكين الإداري على تحفيز الأفراد على الإبداع الدائم والمبادرة الإيجابية نحو مدارسهم نتيجة للثقة الممنوحة لهم، والتحفيز الدائم والدعم، وبالتالي يدعم هذا الجو القيادات المدرسية لإخراج ما لديهم من إبداعات وقدرات كامنة، ومواهب مختلفة للانطلاق بالمدرسة نحو وضع أفضل مما هي عليه الآن، وفي هذه البيئة تتحصل القيادات المدرسية من خلال التمكين الإداري الذي يعيشون أجواءه على فرص وممكنات تعينهم بشكل كبير على تطوير الممارسات الإدارية لهم، وتُحسن من أدائهم والوصول بهم نحو الأفضل، وسيظهر بوضوح تمايز المدارس وفق إبداع وتميز قياداتها.
ثالثًا: جوهر عملية التمكين الإداري قائمة على إيجاد صف ثانٍ من القيادات المدرسية كقيادات بديلة في المستقبل؛ حيث تؤمن هذه القيادات بالعمل التعاوني، والمشاركة الفاعلة والثقة المتبادلة، وتتواكب مع التطورات الحديثة في نماذج الأعمال، وفي ظل هذه البيئة المشجعة تنمو القيادات المدرسية نموًا فاعلًا، ويمتلكون ممارسات إدارية جديدة متطورة، وأداءً إداريًا مميزًا.
رابعًا: يقوم التمكين الإداري على التدريب والتأهيل المستمر للقيادات المدرسية؛ حيث يعمل هذا التدريب على تطوير الممارسات الإدارية لتلك القيادات، وتحسين أدائها وإكسابها الاتجاهات الحديثة في الإدارة.
خامسًا: كل الاتجاهات الإدارية الحديثة تُنادي بإتاحة قدر أكبر من الصلاحيات للقيادات المدرسية، وهذا الأمر يسترعي الانتباه لضرورة تحقيق تنمية بشرية متعددة الجوانب لأطراف العملية الإدارية في المدرسة وقياداتها، وبالنظر لهذه التحولات الكبيرة في الفكر الإداري المعاصر نجد أن التمكين الإداري قادر على الإيفاء بمتطلبات القيادات المدرسية عبر تطويرها، وتأهيلها، وصقل خبراتهم، وإكسابهم المهارات الجديدة في مجال الإدارة، وصولًا لقيادات مدرسية تمتلك ممارسات إدارية نوعية، وأداء إداريًا مميزًا يتلاءم مع توجهات التمكين الإداري للمدرسة.
وختامًا.. نرى أن التمكين الإداري للقيادات المدرسية يُعتبر أحد مداخل الفكر الإداري الحديث، والتي تُعنى بتطوير هذه القيادات من خلال منحهم المزيد من الصلاحيات لممارسة مهامهم من خلال مساحة من الحرية والاستقلالية، وسلطة أوسع في تحمل المسؤوليات، ومشاركة أكبر في عمليات صناعة واتخاذ القرارات، وتدريب وتطوير مستمر للكفاءات وتصنيف معياري؛ بهدف الوصول لتحقيق المدرسة لأهدافها، وأداء رسالتها، وتحقيق غايتها.