المقالات

بين يديّ الشهر الكريم

ها قد أظلنا شهر الخير والبركة “شهر رمضان” الذي أنزل فيه القرآن؛
فهو موسم عظيم من مواسم الخير، ويستشعر المسلمون هذه البركة بما تُلامسه نفوسهم من الراحة والطمأنينة، وعلى المسلم أن يغتنم هذا الشهر الكريم بما ينفعه في دينه ودنياه، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان؛ فيقول: أتاكم شهر مبارك.
ولا شك أن طلبة العلم والأئمة والخطباء قد بسطوا الحديث عن رمضان وما فيه من الأجور والغفران والعتق من النيران، غير أني سأعرض لبعض النقاط للإفادة من هذا الموسم العظيم.
وإن أول ما ينبغي الحديث عنه هو أن نُحسن استقباله بما يؤهلنا للفوز ببركاته؛ فنبدأ بتطهير قلوبنا مما ران عليها من البغضاء والشحناء والغل والحسد ومن القطيعة؛ ولنتذكر حديث: انظِروا هذينِ حتَّى يصطلِحا.
الإقبال فيه على الطاعة يؤدي لانشراح الصدور ويحلق بالقلوب؛ فهل نغتنم هذا في ترميم قلوبنا الصدئة؟!
ولأنه شهر القرآن؛ فهل نستطيع الابتعاد ولو قليلًا عن الأجهزة المحمولة والكمبيوترات؛ لترتاح عقولنا وعيوننا من الإشعاعات.
تتغيَّر في رمضان بعض العادات، وتنتظم فيه العبادات ما يثبت أننا نقدر على التغييرات إذا صدقت النيات.
“الصيام جُنّة” كما في الحديث؛ فيجب صيام القلب والجوارح عن السيئات قبل صيام المأكولات والمشروبات.
هذا التغيير الحاصل في رمضان، والإقبال فيه على القرآن يحفَّز على التأمل في الآيات، واكتشاف أسرارها العظيمات، وهذا هو التدبر الذي أمرنا الله به؛ ولتكن هذه عادة في كل الأوقات.
يحرص البعض على صلاة التراويح مع أمام ذي صوت شجي؛ فيقطعون له المسافات وتفوتهم صلاة الفريضة في طلب نافلة، وهذا من قلة العلم وضعف الحكمة، كما أن البعض يحرص على القيام والتهجد، ويضيع فريضة الفجر؛ لذلك يجدر بنا في هذا الشهر الكريم أن نتعلم ترتيب الأولويات؛ فنقدم الأهم على المهم.
‏كذلك من فضائل رمضان التواصل بين الأهل والجيران، وأذكر أننا قبل عقود في قريتنا الصغيرة في بني سعد جنوب شرق الطائف، كُنا نجتمع في رمضان بعد صلاة التراويح كل ليلة في بيت من بيوت القرية، وكان الجميع يحرص على هذا اللقاء، وكان يتخلله بعض الألعاب الشعبية والقصص والحكايات كقصة “أبو زيد الهلالي وعنتر بن شداد” والقصائد الشعرية من كبار السن، وكنا صغارًا نحرص كل الحرص على تلك الاجتماعات؛ فلنبادر بصلة الأرحام وتلمس حاجات الجيران والمبادرة تذكر بالحديث ليس الواصل بالمكافئ.
‏ولأن هذا الشهر شهر الخير والبركة؛ فيُحسن اغتنامه بكثرة الصدقات؛ ولنبدأ بالأقارب وذوي الأرحام؛ ففيهم صدقة وصلة يعني أجرها مضاعفًا؛ فضلًا عن الزكاة الواجبة؛ حيث إن كثيرًا من المسلمين يتحرى شهر رمضان ليخرج فيه الزكاة؛ فلنتعود على العطاء.
ختامًا.. لنبني في شهر القرآن عادات حسان؛ فلكل امرئ من دهره ما تعودا.

ضيف الله الثبيتي

مستشار قانوني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى