البروتوكول والإتيكيت هي، تعني وفقًا لما ورد في قاموس أكسفورد، قواعد السلوك وأصول المجاملات كما تُطبق في المناسبات العامة، وهما يُعبران عن قواعد التعامل مع الآخرين، ومع حلول شهر العبادة والتقرب إلى الله تعالى- كان لا بد من أن نتحدث عن الآداب والذوقيات الخاصة به (البروتوكول والإتيكيت في شهر رمضان المبارك)، والأصول الواجب مراعاتها واتباعها في التعامل والعبادة، من أصول الإتيكيت في شهر رمضان المبارك إذا كنت في مكان عمل أو قابلت أحد الجيران أو المعارف والأصدقاء أن تلقي التحية ثم تتبعها بالتهنئة مثل قول: “رمضان كريم” أو “مبارك عليكم الشهر” ومن الإتيكيت في أن نتجنب الإساءة أو الإهانة لمن حولنا سواء قولًا أو فعلًا، فلا يليق بنا أن نَسب أو نشتم، والدخول في مشاكل قد تؤدي إلى شجار، فلا ترتفع أصواتنا من صياح أو صراخ؛ وذلك بالعمل بوصيته -صلى الله عليه وسلم- بقوله: “ولا يَجهل”.
ومن الأمور المميزة لشهر رمضان “العزومات” واجتماع الأهل والأصدقاء لتلبية أدعوه على الإفطار ومن الإتيكيت عدم دعوة المدعوين في نفس اليوم، وإنما يكون قبل اليوم المحدد بوقت، أقله بيوم على الأقل. وليس من الإتيكيت أن يصل المدعوون بعد آذان المغرب بل يكون قبل موعد الإفطار بوقت قليل لا يتجاوز النصف ساعة، من الإتيكيت أيضًا عند تلبية الدعوة أن يتم اصطحاب هدية ملائمة للشهر الكريم، كالكنافة والبسبوسة وغيرها، ونجد من الإتيكيت طلب المساعدة في تجهيز السفرة، إذا كان المدعوون من الأقارب وليس من اللائق ومن الإتيكيت أن يتم تناول الإفطار ثم الانصراف مباشرة، وإنما الجلوس لبعض الوقت، وليكن حتى صلاة العشاء؛ لتبادل أطراف الحديث، ثم الانصراف بعدها للصلاة من اللباقة والإتيكيت أن يشكر المدعوين أصحاب الدعوة، ويثنوا على الطعام، ويقوموا بالدعاء لأصحاب الدعوة. وفي رمضان وغير رمضان نحتاج إلى قوة المحبة قال صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله…. وذكر منهم: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين إلخ …. وقال صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كُن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.
ومن الإتيكيت في الإسلام أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده لذا فإن (خير الناس من كف فكه وفك كفه.. أي أسكت لسانه الذى يسكن بين فكيه عما يؤذي الناس بالقول الباطل وشهادة الزور والغيبة والنميمة والبهتان وهتك أعراض الناس بلسانه).. (وفك كفه ..) أي بسط يده بالجود والكرم لمن يستحق من الأقارب والفقراء والمساكين والسائلين ..
وهنا نجد الصيام يعمل على تحسين الشخصية المعنوية والروحية لنا، ومن حكمة الصيام المساعدة على تطوير وضبط النفس، وتعلم الصبر، والرحمة بين الناس ورفع روح العناية والمشاركة بين المسلمين من خلال الجمعيات الخيرية والتكافل، والله يحب المقسطين ويكره القاسطين، ويمنحنا شهر رمضان فرصة للتفكير في أنفسنا ومستقبلنا وعائلاتنا. الصيام في رمضان يُنمي في الشخص الشعور الحقيقي بالانتماء للمجتمع، ويُعزز مشاعر الأخوة والمساواة؛ لأنه عندما يصوم الناس يشعرون أنهم يشاركون المجتمع الإسلامي ذات الواجب والطريقة، وفي الوقت ذاته وللأهداف ذاتها. ولقد شَرَّفَ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- شهر رمضانَ باختياره من بين الأشهر الأخرى لإنزال الكتب السماوية الخمسة؛ لذا علينا أن نتقبل الآخرين والتسامح معهم، وندعوهم لمشاركتنا أفراحنا في رمضان.
والعبادة الروحانية هي جزاء من الصحة النفسية للتخلص من الخوف والقلق والاكتئاب فالإنسان المؤمن بطبيعته يحتاج لسد حاجاته الروحية، لذلك المداومة في أداء العبادة وهي تُساعده في التخلص من الأعراض النفسية، وتجلب له الراحة، وانقطاعه عن العبادات والصلاة قد يحرمه من الصحة النفسية في الحياة.
وأخيرًا لنجعل من رمضان فرصة نستثمرها في تزكية نفوسنا، وهذا من أدبياته وجمالياته، فهو بمثابة الدورة التدريبية لمدة 30 يومًا يستطيع بها أن يتخلى عن سلوكيات سلبية، ويتحلّى بأخلاق وسلوكيات إيجابية من خلال ممارستها خلال الـ30 يومًا، فعلماء النفس والتربية يقولون إن الإنسان يحتاج من 6 إلى 21 يومًا؛ كي يكتسب سلوكًا جديدًا، وهذا يوضح الفرق بين الاعتياد والعادة، وها هو رمضان بين أيدينا.—
أخصائي نفسي