مازالت وسائل النصب والاحتيال على بعض من أفراد المجتمع مستمرة، بل وأصبحت متجددة ومتنوعة على الرغم من التحذيرات الدائمة من الجهات المعنية من مغبة الوقوع في كمائن النصابين إلا أن فئة في المجتمع للأسف الشديد مازالت تقع في هذه الكمائن غير الأخلاقية. فتجد من يحاول النصب على هذه الفئة وعلى سبيل المثال لا الحصر من طرقهم: طريقة وجود ذهب فرعوني بكميات كبيرة في أرض زراعية ولا يستطيع صاحبها استخراجها؛ نظراً لظروفه المادية البسيطة فيكون الشخص المقابل بمثابة المنقذ الوحيد لاستخراج الذهب الموجود تحت الأرض ووفقا لنسبة متفق عليها، وتجد من يحاول النصب عبر الطرق الإلكترونية بمحاولة سرقة رقم الحساب من خلال روابط وهمية على هيئة تقديم خدمات أومسابقات، وأيضاً تجد من يحاول النصب بإظهار فرص تجارية عاجلة لمشاريع وهمية لا تحتمل التأخير ويتطلب الأمر التحويل المالي السريع، وغيرها من طرق الاحتيال الدنيئة.
وما دعاني لهذه المقدمة حول أشكال الاحتيال ما تعرضت له شخصياً قبل يومين من إرسال أرملة رسالة واتساب على جوالي تدعي أنها بحاجة لتسديد فاتورة الكهرباء تبلغ (1200) ريال ولم أكد انتهي من قراءة السطر الأول من الرسالة العجيبة حتّى انهالت الأسطر الأخرى تطلب مني الاستعجال بالسداد مع وجود مقطع فيديو مزعوم ومعها طفلها والذي لم يتجاوز الأشهر القليلة؛ لإدخال المزيد من الشفقة والحزن في نفسي وتشرح من خلاله صعوبة حالتها وما تمر به من ضائقة مالية حتّى أنها ليس لديها أي مساعدات مصروفة من الضمان الاجتماعي، ومن باب التأكد طلبت التواصل معها عبر اتصال مباشر فتم الترحيب بالاتصال ولكن للأسف الشديد يبدو أن الحظر كان من نصيبي العاجل فتأكدت أن الموضوع من أوله إلى آخره عملية نصب واحتيال فاخرة بتوفيق الله نجوت منها وخاصة وأن مقطع الفيديو لهذه المرأة البائسة كان متداولاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل سنوات غير بعيدة.
إن من المؤلم أن نشاهد حتّى الآن فئة محدودة من الناس مازالت تُخدع بمثل هذه الحالات الإجرامية من النصب والاحتيال وبسهولة تامة مع العلم بأن الجهات المعنية بذلت وتبذل جهوداً كبيرة في سبيل التوعية الدائمة؛ للتحذير من عمليات النصب ولكن القضاء عليها تماماً فيه شيئ من الاستحالة حيث عملية النصب تحدث في دقائق معدودة ولا تحتاج للكثير من الوقت، وهي في الوقت نفسه تسلك طرقاً جديدة ومتنوعة في كل وقت ممكن، وفي الواقع من انتهج هذا الأسلوب الإجرامي في العادة على قدر عالٍ من الذكاء، وسرعة التصرف، وسعة الصدر. ومن المؤسف في الفئة التي وقعت عليها عملية النصب أنها تعود إلى رشدها ولكن بعد فوات الآوان وهنا لن ينفع الندم، وبعد أن تمكن النصاب تماماً من تحقيق الهدف الإجرامي الذي خطط من أجله، وفي إتجاه آخر يكون قد بدأ في البحث عن ضحية أخرى، أو بالأصح عن ساذج آخر وحتى تكون هناك طريقة ناجعة للقضاء على هذه الظاهرة من جذورها علينا الانتظار، وعلى المتضررين رفع الأيدي بالدعاء والدعاء فقط.