المقالات

متى ستصبح جامعاتنا (بلا أسوار)؟!

في إطار التحولات السريعة في وظائف الجامعة الحديثة برز مفهوم (جامعات بلا أسوار)؛ فبموجبه تعدى مفهوم الجامعات من مؤسسات تعليمية وحاضنات بحث إلى شريك إستراتيجي في بناء المجتمعات للمساهمة في عملية التطوير والتغيير والبناء. ويبدو هذا المفهوم مثيرًا للاهتمام وملفتًا للنظر؛ حيث اختلف الكتاب حوله فمنهم من ذهب إلى كونه يُشير إلى الجامعات الافتراضية والتعليم عن بُعد، وذهب آخرون إلى أنه يشير إلى الشراكة مع المجتمع المحلي في أُطر معينة، والحقيقة أن مفهوم جامعات بلا أسوار أشمل وأعمق من ذلك بكثير؛ إذ يُشير إلى التحوَّل العصري في وظائف الجامعات وخروجها عن إطارها التقليدي في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع لآفاق أرحب؛ فأصبح النظر إلى الجامعات على أنها مؤسسات مجتمعية تُشكل جزءًا من المجتمع؛ حيث يجب أن تندمج بشكل كبير معه وتتعايش مع أحواله وتسهم في حل مشكلاته، وبلمحة سريعة لذلك التحول في جامعات العالم وإسهامها الاجتماعي نستشهد ببعضها في ظل أزمة كورونا؛ إذ إن هناك جامعات استشعرت مسؤوليتها تجاه البشرية ككل وليس المجتمع الذي توجد فيه فحسب. وخرجت بكل قدراتها للتصدي للأزمة؛ فعلى سبيل المثال سخرت جامعة أوكسفورد University of Oxford كافة إمكاناتها البحثية لمحاولة إيجاد مصل لعلاج كورونا، وبالمثل لعبت إمبريال كوليدج لندن Imperial College London دورًا في إنتاج حوالي مليون جُرعة بعد الحصول على نتائج الاختبارات بشأن مدى فعالية اللقاح وكذلك جامعة كامبريدج
‏University of Campridge ولا ننسى ذلك الدور المذهل لجامعة هوبكنز
‏ University of H Hopkins في حل أزمة كورونا بالتوعية والنشر والبحث العلمي، وبالمجمل فقد كانت أزمة كورونا مثالًا حيًا على تطبيق مفهوم جامعات بلا أسوار وقيادتها لأزمات المجتمع وتحولات العصر.
وحتمًا لا نقصد بجامعات بلا أسوار أن يتم هدم أسوار المدن الجامعية التي كلفت الدولة مبالغ طائلة قد تكفي لبناء مدن جامعية أخرى لكننا نتحدث هنا عن الدور الواسع والنشط الذي يجب أن تقوم به الجامعات السعودية لدعم رؤية المملكة 2030 ومشاريعها الضخمة التي تستهدف وصول المملكة -بإذن الله- لمصاف الدول المتقدمة ويتجلى ذلك الدور في أن تقوم الجامعات بدور ريادي يتعدى أدوارها التقليدية؛ ليمتد لحل جميع مشكلات وعقبات كافة القطاعات وتحسين الأداء المؤسسي فيها؛ لتحقيق الرؤية ودعم تحسين البيئة والاستدامة والإسهام بمشروع السعودية الخضراء ومكافحة الاختباس الحراري ومشاريع الطاقة البديلة وغيرها؛ وذلك لأن الكوادر الوطنية التي تضمها الجامعات تُشكل موردًا هامًا يجب استغلاله في لعب الدور المحوري للتحول إلى جامعات بلا أسوار؛ فالواقع يثبت ضعف استفادة المجتمع والقطاعات مما تمتلكه الجامعات من موارد بشرية ومادية الأمر الذي يحتم على المعنيين تطبيق مضمون الجامعات بلا أسوار عمليًا؛ ففي ظل ما يشهده العالم من تنافس شرس لتحقيق مراكز الصدارة وفي ظل تلك الطموحات العملاقة التي تسعى المملكة لتحقيقها يحق لنا التساؤل هل ستبقى جامعاتنا حبيسة الأسوار؟ وهل ستبقى مجرد مدارس مكبرة تضم طلابًا وفصولًا دراسية وأساتذة وأنشطة تقليدية؟ وهل سيبقى دورها الاقتصادي والتطويري والمجتمعي منحصرًا وضعيفًا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى