المقالات

اضطراب الولع بالأطفال

سوء معاملة الطفل والاعتداء الجنسي عليه تُعد مشكلات تُعاني منها جميع الدول ومختلف البيئات (هذه المشكلات هي نتيجة عوامل أسرية وثقافية- اجتماعية؛ مما يجعل مسألة معالجتها صعبة، خاصة وأن بعض أشكال سوء المعاملة في كثير من الأحيان مقبولة عند كثير من المجتمعات بصفتها أحد أشكال التربية التقليدية)، فماذا لو كان سوء المعاملة عبارة عن اعتداء جنسي على طفل، وتكمن خطورة الاعتداء الجنسي على الأطفال كونها مشكلة متعددة الأبعاد والأضرار على الصعيد النفسي والعضوي والاجتماعي والأخلاقي.
وتُشير الإحصاءات العالمية إلى أن 5% فقط من المصابين بالميل الجنسي للأطفال هم من يقومون بسلوكيات وفقًا لهذا الميل، ومن جانب آخر حوالي 45% من المترددين على العيادات يطلبون المساعدة للتخلص من هذا الاضطراب. بمعنى أوضح ليس كل مصاب باشتهاء الأطفال يتحول إلى متحرش “الانتقال من الفكرة إلى السلوك”.
وفي أغلب الحالات يكون المتحرش ذا صفة سلطوية رسمية أو اعتبارية علي الطفل، ومعروف مسبقًا له، وقد يقع الاضطراب بين أفراد الأسرة الواحدة، وهذا ما يعقد وسائل الحل والوقاية المستقبلية والعلاج، كما يعقد الحكم القضائي بالطبع.
ولغويًا: هو كلمة يونانية الأصل مكونة من شطرين Pedo ويقصد بها الأطفال، وFhilia وتعني حب أو اشتهاء الأطفال ولم يثبت فيما لو كان سبب الاضطراب خللًا جينيًا أو هرمونيًا أو سلوكًا مكتسبًا، ويرجع كثير من المختصين سبب هذا الاضطراب لعوامل عديدة ولكنها غير قطعية.
تجارب الطفولة المبكرة أحدها وقوع التحرش والاعتداء الجنسي في هذه المرحلة قد يزيد من احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب عند البلوغ، كذلك التجربة الجنسية الأولى تلعب دورًا هامًا فهي عادة تكون مشحونة عاطفيًا بشكل كبير فتُخزن بقوة في الذاكرة نتيجةً لذلك ‐إيجابيةً أو سلبية- وهي ما تكون الخبرة اللازمة في هذا الصدد (الاستحسانات الجنسية)، ويسبب ذلك قبول الشخص لاحقًا لاستمرار الإساءة له كشخصٍ بالغ أو على العكس من ذلك، ليصبح مسيئًا لغيره.
بالإضافة لما يُسمى بتعزيز الأفكار عادةً ما تبدأ الاهتمامات الجنسية في سن مبكرة، ما يتيح لها مجالًا زمنيًا واسعا للتعزيز عن طريق التكرار. ولأن التخيلات والأفكار الجنسية ذات طبيعة شخصية (ليس من المقبول أن نشاركها مع الآخرين) الذين يمكنهم منعها أو تثبيطها (إذا ما كانت مثل هذه الأفكار منحرفةً) فإنها مع مرور الزمن تتعزز في الذاكرة باستمرار وتدخل في حيز فعل الفكرة في حال وجود المثيرات البيولوجية الخارجية التي تعمل على تحفيزها.
وفيما يخص العلاج الدوائي تستخدم في الغالب مضادات الأندروجين التي تعمل على تقليل الدافع الجنسي ومضادات السيروتونين لعلاج الاختلالات الجنسية القهرية المصاحبة؛ بالإضافة لأدوية الاكتئاب، ولكن بجرعات أعلى من الموصوفة للحالات المشخصة بالاكتئاب.
وعن العلاج النفسي غير الدوائي تفيد الأبحاث أن العلاج السلوكي المعرفي كان فعالًا مع هذه الحالات عن طريق:
-الإشراط الإجرائي المُنفِر: وهو شكل من العلاج يُحِد من تكرار السلوك غير المرغوب به؛ وذلك عن طريق المزاوجة بين مُنبِه مُنفِرٍ غير محبب مع سلوك غير مرغوب به.
– التعاطف مع الضحية، وذلك بعرض فيديوهات للضحايا عقب الاعتداء عليهم.
ويشمل العلاج المعرفي إعادة هيكلة، وتصحيح الانحرافات الإدراكية، والتدريب على التعاطف مع الآخرين. تُصحَّح الانحرافات الإدراكية عن طريق تصحيح أفكار المريض، يظن المريض خطأ، أن الطفل يرغب في ممارسة سلوكيات جنسيَة معه. على سبيل المثال: يفسر المصابون بهذه الاضطراب سلوك طفل يرتدي ملابس قصيرة بأن الهدف منه إغواؤه وجذبه.
ومن الصعب تحديد المسار الذي يسلكه الاضطراب. فبالنسبة للمُصابين، ربما يكون من الصعب جدًّا تغيير تخيلاتهم ورغبتهم الجنسية والتحكم بها مدى الحياة. ولكن يستطيع المُعالِج أن يقلّل التخيّلات الجنسيّة، وأن يُحسِن سلوكيات المريض، ولكن على المريض نفسه أن يُدرك حالته، ويرغب في العلاج، ويتعاون فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى