المقالات

حالة الطوارئ أيام الاختبارات

يُعلن في هذه الأيام حالة الطوارئ في البيوت بسبب الاختبارات، ويتعرض الطلاب والآباء والأمهات لضغوط كثيرة بسبب ضيق الوقت؛ فهم يسابقون الزمن ليعوضوا ما فات من تقصير أو إهمال أو لا مبالاة بأهمية الوقت.

وخلال فترة الدراسة وسعة الوقت ينشغل الجميع بكل شيء إلا بالدراسة، فلا تجد في البيوت ذلك الاهتمام الذي نراه هذه الأيام، فالأم مشغولة بالموضة وأصناف الطعام والأسواق والدعوات والسواليف بالجوال ومشاهدة المسلسلات، والأب لاهٍ بأعماله وأشغاله وجلساته مع الشلة والأصحاب والطالب مشغول بألعابه وأصحابه وناديه. حتى إذا جاء وقت الاختبار تغيَّر سلوك كل أولئك؛ فالأم مرابطة مع أولادها من الصباح للمساء تذاكر وتراجع وتطبع أسئلة للتدريب قد تجدها في المواقع أو تزودهم بها المدرسة للتركيز على المهم عونًا للأسرة، والأب يوجه ويرشد ويدعو ويحض ويحث وينبه ويحذر، وربما شارك في تدريس أطفاله بجانب الأم عند كثرة الأعداد.

كل هذا الضغط كان يمكن تجنبه لو تمت متابعة الأبناء باستمرار وتخليصهم من المُلهيات أو تقليل أوقاتها وعلى رأسها وسائل التواصل والألعاب، وكل ذلك الضغط يمكن أن يخف أو يتلاشى أيام الاختبارات إذا غرست المدرسة في الطالب قيمة الوقت وأهميته، ومن مظاهر عدم غرسه أن يذهب الطالب المجتهد إلى المدرسة في أيام كثرة الغياب فتجده يظل يومه كله ولا يشرح له أحدهم درسًا واحدًا وحجة المعلمين أنه لم يأتِ طلاب.

وليت هؤلاء المعلمون إذا لم يشرحوا جديدًا يراجعون على الأقل قديمًا ويدربون على مسائله حتى لو حضر طالب واحد، فلعل هذا الطالب الذي حضر هو عالم المستقبل وهو المخترع والمبدع والمسؤول الكبير، فمتى اهتممنا بالفئة التي لا تغيب شعرت بسعادة الحضور وبقيمة المدرسة، وبأن ذهابها للمدرسة ليس فيه مضيعة للوقت ولا ملل يصيبهم بسبب جلوسهم يومًا كاملًا بلا تدريس، ولو شرح الأساتذة للطالب الحاضر حتى لو كان واحدًا ما يشرحونه للطلاب الكثير لأستيقظ الآباء من غفلتهم ولحرصوا على إحضار أبنائهم لشعورهم بجدية العلم، وأنه يعطى عند تغيب أبنائهم. وللأسف مما يساعد على الغياب في بعض الأوقات هو هذا السلوك الذي ينقله من حضر لآبائهم بقولهم لم يشرح لنا أحد؛ فيصيب الحريصون الإحباط ويغيبون أبناءهم كما تغيب أبناء المهملين.

الاهتمام بالوقت والجدية في التدريس هي أعظم وسيلة لتغيير ظاهرة الغياب خاصة إذا كان في كل وقت يتغيبون تأتي رسالة لآبائهم بما تم شرحه وبالواجب المطلوب؛ فحينها يسارع الآباء لحمل أبنائهم للمدرسة لأنهم يشعرون أن غياب الابن يعني فقدانه للدروس والتجارب.

وأننا في هذه الأيام نحث الآباء على الرفق بالصغير؛ فعقله لن يتحمل دروسًا كثيرة في ساعات قليلة كان يمكن تدريسه إياها أيام سعة الوقت.
– فلا تظهر أمام أبنائك الهلع والفزع والخوف والتوتر بسبب الاختبارات بل كُن هادئًا متفائلًا، وتجنب الصراخ والضرب والتهديد، ولا تظن أنه سيُساعد على الفهم بل ذلك يشتت القلب والعقل لابنك…كُن هادئًا ودرسه بطمأنينة؛ فالطمأنينة تشرح صدره وتُعينه على الفهم.
– جنبه مطلقًا السهر؛ فإن غالب من يسهر تجده لا يحسن الإجابة.
– تجنب أن يذهب الطالب للمدرسة، وهو خاوٍ بطنه بل أعطه طعامًا يُساعده على النشاط والحركة؛ خاصة المكسرات والبيض المسلوق والخضار وشيئًا من الحلوى؛ لتمده بالطاقة سريعًا، وأجبره على الطعام حتى لو قال نفسي مسدودة.
– احرص على طمأنته عند حمله للمدرسة، وقل له أنا متأكد أنك ستجيب وتبدع وأن الله سيوفقك وأنا فخور بك، وعلمه الأدعية النبوية وذكر الله؛ فهو طمأنينة له.
– إن أخبرك أنه لم يجب في الاختبار؛ فإياك وتقريعه وتحطيمه بل قُل له: إن شاء الله النتيجة طيبة وتفاءل؛ لأن هذا سيعينه على التركيز في اختبار اليوم التالي.
– اجعله بعد اختباره يأخذ قسطًا من النوم ولو لساعة؛ فذلك ينشطه ويحببه في المذاكرة ويزيد من تركيزه واستيعابه، ويزيد من سرعة فهمه لكن لا تجعله ينام طويلًا؛ فينتج عن ذلك سهر طويل.
– احرص بعد نتيجة ابنك على معرفة أسباب تخلفه وتقهقر درجاته، واجلس معه جلسة تتفق معه فيها على تغيير السلوك في الفصل القادم، وتبين له أسباب إخفاقه. ذلك الجلوس والاتفاق وبيان أسباب الإخفاق يجعله حريصًا على تجنبها، وينمي فيه الحرص على التفوق والنجاح، ويجعله يعلم أن الإهمال سبب ما أصابه.

الكلام يطول ولا نقول إلا اللهم أعن الآباء والأمهات والطلاب والطالبات، واشرح صدورهم ويسر أمورهم، وأعن الأساتذة على التصحيح، ولهم منا التقدير والإعزاز.

أ.د. عمر بن عبدالله الهزازي

أستاذ الكيمياء بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ماشاءالله نشكر الدكتور عمر هزازي على طرحه الجميل والمبسط والواقعي فهو كوكبه مضيئ لجميع مراحل الحياه سواء التعليميه او الاسريه او الاجتماعيه اوغيرها الجميع بحاجه لمثل هذا الرجل الحكيم والمتحدث اللبق اللهم بارك
    نتمنى نراه قريبا في اعلى هرم بالتعليم..

    محبكم
    ابواحمد علي الزهراني- جدة
    مختص في تجهيز المعارض والمؤتمرات بالشاشات العملاقه والبوثات بجميع مناطق المملكه الحبيبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى