“لماذا تستتر (القراءة) خارج ذاتها؟!”
**
أقول مقتبسًا :
“في قراءاتي”: عنوانًا ومتنًا:
**يحدث أن نسمع البعض يطرح أسئلة مُلحة مثل:
– ما هي أنماط القراءة.. وما هي اتجاهاتها السائدة؟
– أو إلى أين نتجه بقراءتنا؟
أجل.. إن الأمر يتعلق بتساؤلاتنا الاجتماعية الثـقافية كما أنه يرتبط بوجود إجابة واحدة سهلة عليها.. وهي:
إن القراءة تتجه نحو ذاتها..
نعم.. إن (القراءة تتجه نحو كنهها الذي هو الاختفاء)!!
ويقول (موريس بلانشو) في كتابه (اختفاء الأدب).. La dispanition de la literature والصادر بالفرنسية.. ترجمة (رشيد مرون): (إن الذين يحتاجون إلى أجوبة ذات صبغة عامة حول القراءة وأدبياتها، يمكن أن يعودوا إلى التاريخ الذي سيوضح لهم معنى المقولة الشهيرة لهيغل “الفن بالنسبة لناشئ متجاوز” تلك المقولة التي واجه بها “هيغل غوته” بكل شجاعة في أوج صعود المد الرومانسي، في الوقت الذي كانت فيه الفنون التشكيلية والشعر والأدب النثري تنتظر في “المجتمعات الرائعة الثقافة” ظهور أعمال هامة!!
ولا يهمنا (هيغل) كونه تحدث عن واقع مجتمع آخر، كان افتتح درسه حول علم الجمال (الاستطيقا) بقولته الثـقيلة العواقب تلك.. لكننا.. بالمجتمع العربي قاطبة نعلم أن (القراءة) تشهد انقطاعًا، في الوقت الذي تقدر فيه مجتمعاتنا العربية إبداعات الكتاب العرب وتفضلها على أعمال غيرهم!! أو نتجاهل الآخرين..
** وكان صديق لي عزيز هو الأخ (حمزة فايز حسن) مدير إحدى إدارات المتابعة الإدارية وربما القانونية.. قد أشار لي بكتابة مثل هذا الموضوع، بعد أن أصبحت القراءة متاحة جدًا في عصر لا يعجز عن تلبية الحاجة للمطلق..
وزميلي المثقف الأستاذ (حمزة فايز حسن) أدرك أهمية القراءة وللجميع، لأنها كما يقول جدية الفعل الثـقافي ومسؤولية الحرية الفكرية الفردية!!
** نعم.. لقد صدق زميلي لنواكب وآخرون رؤية (موريس بلانشو) ولكن وبما يتناسب وقيمنا الثـقافية باعتبارها المبادئ الأيديولوجية وسلطة النفس الفعلية التي لا يمكن أن نتجاوزها مهما ساءت بنا حالة القراءة أكثر إلى درجة أنه قد تصبح بالنسبة لنا مجرد (متعة جمالية) وعنصرًا تكميليًا للثـقافة!!
** لقد أصبحت (القراءة) أمرًا يتعلق بمستقبل ثـقافي أصبح حاضرًا، وفي عالم (التقنية) يمكننا أن نواصل ونتواصل برؤانا كي نتلقى زخمًا هائلًا من المعارف.. فيمكننا أن نكرم الكتاب والكُتّاب وأنفسنا و(الإنترنت) وأن نوسع رفوف المكتبات!!
كما يمكننا أن نخصص لثـقافتنا وقراءاتنا مكانًا ما.. “نافعًا”!!
أو لربما تجاوزنا بها الأمكنة غير النافعة والتي حتمًا يمكننا أن نسلط عليها الإكراهات.. أو نقلص حجمها، لكن لن نتركها حرة طليقة أمام أعيننا!
** وهنا (تصبح القراءة المقننة) صادقة وثابتة وموضوعية ويصبح خطنا الحسن هو الشيء الأسوأ بالنسبة للمعلومة (المعوّلمة) حسبما تظهر.. وهنا تصبح (القراءة) تساوي كل شيء باعتبارها سلطة فكرية ذاتية آمرة بنفسها وناهية!!
** وإذا اعتبرنا (اتجاه القراءة) وظيفة ذاتية ثـقافية حرجة للقارئ والمتلقي للمعلومة.. فلأنها نمط وتوجه يترتب عما تلاحظه العين من اهتمام واحتفاء (بالعولمة) في عالم يحس هو بلا.. جدوى لوجودها فيه إذا ولينا وجوهنا صوب واقعنا ومثلنا وعاداتنا!
** ولا يختلف رأي صديقي (حمزة فايز حسن) في هذا الموضوع.. لأن الأمر كله يتم كما لو أن اتجاهات القراءة تقترب من ذواتنا بواسطة:
أولًا: رؤية أكثر إتقانا وعمقًا..
ثانيًا: وحركيات تعرض عن أزمنة (عولمة الفكر) البعيد عن توجهاتنا والمسألة في هذه الاتجاهات غير ناجمة عن إحساسنا بمن حولنا من العالم فقط.. ولكن باعتبار اعتقادنا الذي يبث في القراءة نفسًا جديدًا، فيما يبدو أن (اختفاء القراءة) بالعموم خردانية قوية للمعلومة الواردة وهو احتفاء بتدهور الثـقافة الذاتية وتراجعها أمام قدراتنا وبحثها عن أحلام فكرية تعويضية.. وتعتبر هذه طموحات رائعة (للعولمة الموجهة) كما يعبر عنها مصدروها بقولهم: (أيها المعلومة الموجهة.. ابقِ في العالم ولا تغادريه!)
وهذا (التسييس الثـقافي) الفكري سار به العالم الحديث الآن نحو هدفه بدقة أكبر!