المقالات

إطعام الحمام بين المنع والإصرار!

• أعتقد أنه أصبح لدينا من الوعي ما يُزيح عنَّا كابوس الهيمنة العاطفية التي جثمت على العقول ردحًا من الزمن؛ لتلبس كثيرًا من التصرفات والسلوكيات طابعًا دينيًا كي يحظى بقبول مجتمعي- وإن لم يمت للدين والمنطق بصلة- وليؤطر المجتمع على إثر ذلك بمصطلح (الطيبة) ليمرر عليه حيل هي أقرب للاستغباء أو الاستغلال أكثر منها للمصلحة، رافق ذلك تماهي وتغاضي تحت ذريعة (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)!!
• ولعل مما أضحى مستهجنًا وغير مقبول تمامًا ما نراه في الصباح والمساء عند إشارات المرور في التـقاطعات الحيوية ذات الكثافة العالية من أولئك الذين يمتهنون بيع (الحب) لإطعام الحمام؛ إذ الفعل هنا متعدٍّ لما هو أشد ضررًا، جراء التبعات التي تقبع خلف تلك الممارسة الخاطئة من أساسها، كونها تتجاوز التشوه البصري إلى مخالفات وسلوكيات تُعد أكثر استخفافًا وإيذاءً في ذات الوقت، ولعل مضايقة قائدي المركبات وتعطيل الحركة أحيانًا لكثرة أعداد المتواجدين لتسويق بضاعتهم المُزجاة بين أرتال ممتدة وفي وسط الزحام إلا نذير بتفاقم المشكلة!!

• ولكي لا يذهب حديثنا أدراج الرياح كتلك الريالات المهدرة، أو لربما يومئ أحد أولئك الباعة من (مخالفي الإقامة) – لإحدى الحمامات لتلقطه كي يذهب هباء فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فلنبادر على عجل!!
• ذلك لأن الموضوع ذو بُعد وطني ديني قيمي لما ينطوي عليه من انعكاسات مكلفة للدولة والمواطن على حدٍ سواء .. فسأورد بعضًا من التبعات التي تترتب على هذه المخالفة الصارخة بكل أبعادها فيما يلي:
⁃ ما يحدثه ذلك السلوك يتجاوز التشوه البصري إلى إتلاف الأرصفة واتساخها جراء آثار الحمام مما يجعلها غير صالحة لعبور المشاة، مستقذرة، لا تتناسب والنظافة المفترضة لمثلها !
⁃ تُعد الممارسة تسولًا بطريقة غير مباشرة لجني المال، الأمر الذي يجعل الأعداد تتزايد يومًا بعد يوم، بل تتوسع وكأنها فروع تنشأ في أكثر من تقاطع ومنطقة، بصفتها مهنة مربحة!
⁃ مضايقة قائدي المركبات بطرق الزجاج أحيانًا أو محاولة استجدائهم لتسويق وتصريف بضاعتهم المعبأة بمقدار!
⁃ إطعام الحمام، ومثلها القطط بوضع بقايا الأكل أو الحبوب يؤدي لتكاثرها بطريقة مفرطة مما يخل بالتوازن البيئي، فتتحول لعبء جديد!
⁃ الحمام مؤذٍ لتعشيشه في النوافذ أو اعتلائه شرفات المنازل؛ إذ أضحى مصدر تلوث وقذارة، ولربما حد من جمال واجهات العمائر تحاشيًا لضرره!
⁃ إهدار جهود البلدية وإرهاق الميزانيات بسبب ما تحدثه هذه الظاهرة من تشويه واتساخ وتغير ألوان الأرصفة مما يستلزم نظافة مكثفة، وأحيانًا ترميم أو تغيير لبعض أو كل الأرصفة التي تكون ميدانًا لتصريف بضاعة أولئك المخالفين!
⁃ نقل صورة مشوهة وغير حضارية لمكة المكرمة وسكانها، وللسعوديين بعامة، عندما يشاهد زائروها من حجاج ومعتمرين من بلدان شتى من العالم تلك الصور المشوهة للأرصفة أو المسطحات الخضراء التي طالتها يد العبث والاستهتار ممن لا هم لهم سوى الكسب على حساب مكتسبات وطنية أنفق عليها الملايين لتكون منافع عامة لا محتكرات شخصية!!

• ولأن المعالجة لمثل هذه الظواهر التي ابتليت بها مدينة القداسة؛ مكة المكرمة، قبلة المسلمين، مهوى الأفئدة تستلزم تضافر الجهود من عدد من الأجهزة الحكومية؛ أمانة العاصمة، الأمن العام، وغيرها من الجهات ذات العلاقة؛ لتتخذ إجراءات رادعة ومستدامة، ومن ذلك:

⁃ سن قانونًا جزائيًا – عن طريق الرصد الآلي- على كل قائد مركبة يدفع لأولئك المخالفين مقابل إطعام الحمام.
⁃ تفعيل غرامة وضع الأطعمة على الأرصفة للحيوانات وغيرها، وذلك بوضع كاميرات مراقبة مؤقتة أو ثابتة للأماكن التي يوجد بها تشوه من هذا النوع تتابع من قبل جهة معنية بهذه المهمة!
⁃ وضع لوحات إرشادية في الأماكن العامة بمنع إطعام الطيور والحيوانات أو وضع الأطعمة على الأرصفة والأماكن العامة!
⁃ التوعية الإعلامية عن طريق القنوات الرسمية والإعلام الجديد بخطورة وضرر إطعام الطيور والحيوانات لما يحدثه ذلك من خلل في التركيبة البيئية، إضافة للإضرار بالمارة وكذلك التشوه البصري!
⁃ القضاء على المشكلة يترتب عليه القضاء على مصدر نشوئها، وبالتالي ضرورة إطلاق حملة وطنية لتعقب وضبط مخالفي أنظمة العمل!
ختامًا:
بما أن الأحياء العشوائية حاضنة آمنة للمخالفين الذين يقبعون وراء أستارها، فإن إزالتها سيكشف الغطاء عن كثير منهم؛ ليذهبوا من حيث أتوا ولتختفي الكثير من المخالفات تبعًا لذلك!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى