المقالات

أبقراطية الحرب على السرطان

أشارت دراسة منشورة في عام 2020م من قبل باحثين في مركز أبحاث مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض إلى أن التوقعات تُشير لأن التشخيص بالسرطان بالمجمل سيزيد بما يُقارب 117% بحلول 2040م. يشمل ذلك أيضًا زيادة في تشخيص الأمراض المزمنة مثيلات ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض التنفسية المتنوعة؛ التي – بالإضافة للسرطانات بأنواعها – كانت سببًا رئيسًا لـ 73% من الوفيات بالمملكة خلال الثلاثين عامًا الماضية.
كما أشارت الدراسة أيضًا إلى حجم الثـقل الاقتصادي الذي ستولده هذه الزيادة في التشخيص؛ التي تتماشى مع الزيادات الملحوظة في التشخيص بالعديد من الدول النامية وذات النمو حول العالم، كما نوّهت الدراسة إلى أن الرؤية السعودية 2030 قد سلّطت الضوء على هذه التوقعات – فيما يخص السرطان والأمراض المزمنة – في شقها الصحي المعني بجودة الحياة؛ واضعةً جملة أهداف للحد من تأثيرها بخطط إستراتيجية محددة للعمل على خفض معدلات الإصابة من خلال التوعية الصحية، ودعم البحوث الطبية، وتوفير الطاقات البشرية والتجهيزات الطبية لمواكبة هذه الزيادة.
يُذكر أن الزيادة المذكورة لها عوامل عديدة؛ فقد يكون أحدها الزيادة في معدلات الانتقال السكاني للمدن وتبني الحياة المدنية في العيش؛ وعليه زيادة أعداد المستفيدين من الخدمات الصحية التخصصية وزيادة التشخيص والمتابعة، وأيضًا قد تكون أحد أسباب الازدهار الاقتصادي الذي تتمتع به بلادنا الحبيبة؛ الذي يأتي مُصاحبًا له جملة من العوارض الصحية التي تنشأ عادةً في المجتمعات التي تكون أوضاعها الاقتصادية مستقرة ومزدهرة كالأمراض المزمنة مثلًا، ومن العوامل أيضًا تحسن الأساليب والإجراءات المتبعة في الفحص الأولي والإحصاءات الطبية والإجراءات المتبعة؛ مما ينعكس إيجابًا على الكشف المبكر، وتسجيل الوقائع الطبية وحصرها ورفع التقارير بها، بجانب عامل التأثير الإيجابي للحملات المتنوعة والجهود المكثفة التي تقوم بها الجهات المعنية في التوعية بالأمراض المذكورة، والتحذير من العوامل التي قد تزيد من فرص الإصابة بها؛ كالتدخين وقلة النشاط الحركي واتباع النظام الغذائي غير الصحي.
قامت الدراسة بتقديم جملة من التوصيات للعمل على كبح جماح هذه التأثيرات التي تقوم العديد من الدول حاليًا على التخطيط لها بالمزامنة، إحدى التوصيات كانت توفير الدعم والتمكين الكامل للسجل السعودي للأورام – المنشأ منذ العام 1992م – وتمكينه من متابعة كافة الإجراءات بدايةً من تسجيل الوقائع في الفحص المبكر إلى توفير العلاج ثم الشفاء – بحول الله – وتسجيل وقائع المراجعات وأي تشخيصات متكررة – لا سمح الله – قد تحدث لغرض توفير شتى المعلومات للغرض البحثي والمتابعة للمساعدة على مكافحة السرطان بحول الله.
يقول أبو الطب “أبقراط” في كتابه (كتابات لأبقراط): “صرّح بالماضي، وشخّص الحاضر، واستعد للمستقبل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى