من ضمن الهواجس؛ معرفة ما يقوله عنَّا أخوتنا العرب والمقيمين، هنا في المملكة العربية السعودية، والفكرة التي يحملها والتي يقولها: (سواء كان هنا، أو في بلده عند عودته) .. لا أعرف أن اثنين قد يختلفان على أن السعودية بلد خير وعطاء ونماء، وأهلها كرماء تغلب عليهم الطيبة والعفوية والصدق وحفظ الود والمعروف؛ وحب الخير، وهذا يقدّره ويعترف به الطيبون منهم وأصحاب الأصول والدين والأخلاق، لكن القليل منهم يعتبرها سذاجة وفرصة سانحة للنصب والاحتيال بل وتصل لدرجة الابتزاز أحيانًا، وهذا ليس لخطئهم وإنما لخطأ وأسلوب الشخص الذي يتعامل معهم، إما لطبيعته المتسامحة فعلًا أو لعدم معرفته بالقوانين والأنظمة (الجديدة) لحفظ حقوقه وحقوق الآخرين.
فالتسامح والأخلاق الحميدة وتجنب المشاكل مندوب إليها دينيًا وإنسانيًا، لكن الإفراط فيها يعطي مردودًا عكسيًّا على الوطن والمجتمع والمواطن، ويضر بالاقتصاد، وفي المقابل هناك من يُسيء للوطن من المواطنين أنفسهم إما بالغش أو المغالاة أو الانتهازية؛ فيهدم ما بنته الدولة والمواطن الصالح المعتدل.
إنها معادلة ليست سهلةً وتتطلب جهودًا حثيثة من المواطن والجهات الرقابية المعنية، ليست بسن القوانين واللوائح والأنظمة؛ وإنما لتطبيقها ومتابعتها من قبل الجهات، ولا بد من تعاون المواطنين مع هذه الجهات، وكشف الحالات وإيقاف عملية التستر والاسترزاق بالطرق غير المشروعة، ومحاولة القضاء على الفساد السلوكي والأخلاقي الذي قد يتم في الخفاء.
من زار الدول المتحضرة الأخرى يعرف هذا تمامًا، ويدرك مدى تفاعل المواطنين لتفعيل الأنظمة ومراقبتها سواء في السلوكيات الشخصية أو العامة، وسواء في التعاملات التجارية أو الأنظمة الأخرى (مثل: نظام المرور؛ فتكاد لا تسمع صوت منبه السيارات إلا عند حدوث مخالفة من أحد سائقي المركبات عندها سيجد المخالف نفسه في حرج شديد لارتكابه المخالفة سواء بقصد أو غير قصد).
وهذا ليس إلا مثالًا على ما ذكرت، فماذا لو فعل مثل ذلك في كل التعاملات والسلوكيات المخالفة. ثم ألا نعلم أن هذا الوطن ملك للجميع والوافد إليه والمنتفع منه شريك فيه للعمل بما يُحقق له الحياة الكريمة، وبما تُمليه علينا شريعتنا الإسلامية ووفق الدين، أم أننا نحصر الدين في العبادات فقط وندع الخلق للخالق؟
0