قناديل مضيئة
في كل عام، وأنا أشاهد جموع الحجيج يؤدون مناسكهم في رحاب الأراضي الطاهرة المقدسة، تتهادى إلى مسامعي، وتترنم شفاتي قصيدة الشاعر الأديب طاهر زمخشري -رحمه الله- (إلى المروتين) التي صور فيها ألم البُعد، ولوعة الاشتياق إلى الأراضي المقدسة، وتتساقط دموعٌ لا أحبذ أن يراها أحد ..إن من مَنَّ الله عليه بأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، يعي ما أقوله جيدًا.. إنها رحلةٌ إيمانيةٌ تغير مفاهيم الحياة؛ فترى الناس حولك سواسية لا فرق بين شخص وآخر أعدادٌ مليونية يسيرون في هدوء وسعادة مع تعب وإجهاد! ألوانهم مختلفة ولغاتهم مختلفة ومفاهيمهم مختلفة وسماتهم مختلفة، اجتمعوا في مكان واحد لأداء أمر واحد فريضة الحج واجتمع فيهم وحدة الشعور في المشاعر وأداء الشعائر أيامًا معدودات ينقطع فيها الإنسان يناجي خالقه، ويشكو همه ويذرف دمعه بين يدي ربه؛ فتنزل الرحمة وتحل الطمأنينة ويسعد الحاج بسكينة ووقار اكتسى بها قلبه، وجرت في عروقه مجرى الدم، يذهب ملبيًّا لربه، ويمضي مكبرًا ويرجع حامدًا شاكرًا بعد أن قضى تفثه، وأدى نسكه وودع البيت العتيق .. يا لها من رحلةٍ إيمانية خالدة في نفس من أداها وعاش تفاصيلها، وتبقى ما بقي من عمره تهفو نفسه ليعود ويعيش هذا الشعور العظيم.
ومضة
أهيم بروحي على الرابيه .. وعند المطاف وفي المــروتينْ
وأهفو إلى ذِكَــرٍ غاليه .. لدى البيت والخيف والأخشبين
فيهدر دمعــي بآمـاقيـــه .. ويجري لظاه على الوجنتين
ويصرخ شوقي بأعمــاقيه .. فأُرســل من مقلتي دمعتين