في العشر من شهر ذي الحجة تعيش بلادنا كل عام حدثا عالميا فريدا من نوعه يتمثل في توافد ضيوف الرحمن، حيث بلغ عدد الحجاج هذا العام (1,833,164) حاج، كما أعلنت عنه الهيئة العامة للإحصاء، أتوا من أصقاع المعمورة لأداء فريضة الحج الذي يشكّل ركنا أساسيا من بين أركان الإسلام الخمسة .
ولاشك أن دولتنا بكامل عدتها وعتادها ورجالها من مدنيين وعسكريين وحتى المواطنين تتوحد جهودهم وكأنهم في غرفة عمليات واحدة لاستقبال وتنظيم هذه الحشود التي تأتي من كل فج وصوب بثقافاتها ولغاتها وعاداتها وتقاليدها لتتوحد في المشاعر المقدسة تحت راية واحدة لا حزبية ولا طائفية أو مذهبية فيها ولا انتماءات إلا لله الواحد القهار الذي ينظر لهم بعين رحمته ويباهي بهم ملائكته وهو يقول جل في علاه عشية عرفة :” أنظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق ضاحين يرجون رحمتي ولم يروا عذابي أشهدكم أني قد غفرت لهم فلم ير يوم أكثر عتقا من النار كما يوم عرفة” .
ولاشك أن هذه الجهود الجبارة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومتابعة سمو ولي عهده الأمين، لخدمة ضيوف الرحمن، تحتاج لترجمة من نوع خاص ومتسارع ومتواصل وهذا هو دور الإعلام في الحج عبر وسائله ورسائلهالمختلفة، بمختلف اللغات وهو حدث ليس ككل الأحداث التي تحشد لها الطاقات الإعلامية بصورة تؤكد قوة وخبرة البلدان التي تنظم هذه الأحداث العالمية لو ربطناها بمسمياتها مع فارق الضيوف والمضيفين والبلدان التي معنية بهذا من باب الاختيار كما هي أحداث كأس العالم على سبيل المثال رغم قلة أعداد الحشود التي لا تقارن بحشود الحجيج وتنقلاتهم ومقرات أداء مناسكهم وقل ما شئت من الاستعدادات على مدار العام والأيام وهذا ما يقودنا لأن نجعل من هذا الحدث ( الحج ) ساحة للقراءة الموجهة المتأنية بجميع اللغات التي ترتبط بجميع البلدان التي وفد منها المسلمون حتى لو قل عدد الحجاج منها فإننا بحاجة لنشر هذه الجهود لنبرز للدول الشقيقة والصديقة بأننا ننفرد بهذا التنظيم ولا اختيارات للمسلمين في هذا إلا هذا المكان والزمان الذي شرف الله به بلاد الحرمين الشريفين وشرف قادتها لخدمة ضيوف الرحمن وتسهيل سبل أدائهم للعمرة والحج والزيارة وتذليل العقبات التي تواجههم بدء وانتهاء بين بلدانهم التي جاءوا منها وبين المملكة العربية السعودية بما في ذلك برنامج مبادرة ” طريق مكة ” الذي يتم تدشينه في مطارات الدول الإسلامية السبع حتى الآن المستفيدة من هذه الخدمة المجانية على حساب المملكة لتسهيل مغادرة الحجاج المستفيدين من المبادرة من بلدانهم إلى حين وصولهم إلى منطقة مكة إلى مطار الملك عبد العزيز والميناء البحري وحتى مقرات سكنهم بما في ذلك إيصال حقائبهم .
وهنا لي وقفة مع جهود وزارة الإعلام السعودية وعلى رأسها معالي الوزير أ . سلمان الدوسري الذي وفّى وكفّى في طرحه حول موسم الحج هذا العام لوسائل الإعلام المختلفة المحلية والخارجية من باب الوضوح وبيت الخبرة كذلك وزارة الحج وجميع الجهات ذات العلاقة بنقل هذه الصور الرائعة من سلسلة الخدمات والمواقف التي تؤكد قدرة المملكة على تحقيق أعلى معدلات الأمن والأمان والسلامة لحجاج بيت الله بالرغم من كل الفوارق الفردية واللغوية والعمرية والمجتمعية إلا أنهم يؤدونها بكل يسر وسهولة ويعودون بأجمل الذكريات عن هذه البلاد وقادتها ورجال أمنها وجميع من يعمل لخدمتهم أثناء تواجدهم في المملكة حتى مغادرتهم سالمين غانمين .
وعن الحج وشعائره ومشاعره لابد من إيجاد أرضيات مهيأة ينطلق منها الإعلام ورجاله لنشر ونقل هذه الصور الرائعة من المشاعر المقدسة بما فيها مكة والمدينة المنورة وأتذكر جيدا قبل أكثر من عقد عندما كنت ضمن بعثة إعلام الصحيفة التي كنت أعمل فيها لتغطية موسم الحج قرابة ثمان سنوات بأننا كنا نستضاف في مقرات الدفاع المدني كذلك كانت مؤسسات الطوافة الكبيرة تستضيف الصحفيين وتستقبل الإعلاميين وتقدم لهم كافة التسهيلات بالتنسيق مع الاتصالات والجهات ذات العلاقة وكانت توفر لنا أحيانا حتى المعيشة ووسائل التنقل بين المشاعر وبين مقرات الوزارات وبعثات الحج لننقل ما نشاهد ونجري الحوارات واللقاءات لحظة بلحظة مع المسؤولين ومع رؤساء بعثات الحجاج من الخارج بالصورة والكلمة وأتذكر حرصنا الشديد لنقل الصورة الحقيقية للخدمات بوجه عام لهذه المناسبة بما يليق بمؤديها وجهاتهم الرسمية والأهلية الذي لا يقل عن حرص الإعلاميين اليوم كما هي صحيفة مكة الإلكترونية التي تتربع على قمة النقل الصحفي- غير الرسمي – المميز من كل مواقع الحجاج دون أن تنسى واجبها تجاه الوطن كله حيث تجمع بين الكلمة والصورة وبين المشاهدة الحية من موقع الحدث بالصوت والصورة المكتوبة والناطقة في ظل ثورة الاتصالات والتقنيات الحديثة وتطوراتها التي تفوق كل التصورات .
طبعا لابد أن يكون هناك استضافات خاصة مميزة لمن يأتي من خارج المملكة بدعوة أو بصورة اجتهادية لنقل هذه الجهود للعالم ولكن في الوقت نفسه لابد أن نقدم لصحفنا وقنواتنا ورجال إعلامنا ما يعينهم على أداء رسالتهم الشاقة في أيام معدودات وزمن محدود يعنى به الإعلام بكافة وسائله من أن يفي بكل ما تقدمه الدولة ومؤسساتها وقياداتها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وكافة الوزارات والجهات العاملة، والمسؤولين في منطقتي مكة والمدينة وعلى رأسهم أصحاب السمو الأمراء -يحفظهم الله- وهذا من وجهة نظري يستوجب إيجاد مقرات لوسائل إعلامنا المحلية بالذات ولا أدري فربما تغير الحال ولا أعتقد أن شركات الطوافة ستمتنع عن استضافة هذه الوسائل لأنها ستقدم لها أيضا خدمة بنشر جهودها كدعاية إعلامية مجانية هم بحاجتها في هذه الأوقات ومستقبلا وبالتالي نضمن الراحة لهذه الوسائل ورجالها ولا نتركهم يهيمون بوجوههم بين المشاعر مع أني أجزم بأن معظمهم لا يقتات من خلف مهنة المتاعب وبالذات الصحافة بنوعيها اليوم الورقي والإلكتروني إذ بعضهم من باب التطوع ولا يرصد أموالا من وراء هذا الركض الإعلامي المضنى وقد يفرحهم ويطربهم كلمة شكر أو ثناء من مسؤول أو جهة بعد أن ينتهي كل شيء شأنهم شأن من يرفع الوطن على هامته ويخدمه بما يستطيع وفاء وعرفانا ليس إلا .
أعود وأكرر وأهمس في أذن الجهات ذات العلاقة بأن يوفروا للإعلاميين ووسائل إعلامهم بجميع أنواعها مقرات بالتعاون مع الجهات الحكومية والأهلية وبالذات في مشعر منى حيث يشهد هذا المشعر البقاء قبل يوم عرفة وبعده أربعة أيام لغير المتعجلين وأن يكونوا في مقدمة من نحتفي بهم لأن الإعلام الصادق المدعم يشكل المرآة الحقيقية التي تعكس تحضرنا وجهودنا في كل المناسبات إذ لا يمكن يعرف عنا العالم إلا من خلال نوافذنا الإعلامية المتزنة الراجحة فلنعمل على تهيئة المكان والزمان والمساحة التي ينطلقون منها لبيان جهود دولتنا وقادتنا وكل من له علاقة بتيسير أمور الحجاج في أيام معلومات قبل وأثناء وبعد هذا الحدث الإسلامي العالمي بعد أن قاموا بدورهم ضمن منظومة العمل البنّاء المخلص لهذه الحشود المليونية وما سرّني وسرّ غيري تلك المؤتمرات الصحفية التي تقام بمشاركة المتحدثين الرسميين من وزارات الداخلية والحج والنقل والصحة بحضور الاعلاميين من الداخل والخارج منقولة على قناة السعودية مباشر السابعة والنصف والله من وراء القصد .
إنعطاف قلم :
جهود جبارة تقوم بها جوازات المملكة في إنهاء إجراءات الحجاج من الدول المستفيدة من مبادرة طريق مكة وغير المستفيدة بأكثر من ( 13 ) لغة في صالات الحج بمطارات بجدة والمدينة عبر منظومة أمنية من الرجال والنساء الذين نفخر بهم وهم يسهلون إجراءات الحجاج وغيرهم من والقادمين والمسافرين في دقائق معدودة فلهم نرفع الشكر .