المقالات

اعتذار للقلم

لطالما احتلّ القلم مكانة مرموقة في الحضارة الإنسانية، كونه أداةً للتعبير عن الأفكار ونشر المعرفة وإحداث التغيير. إلا أنّ بعض الأقلام قد حادت عن مسارها النبيل، فانزلقت إلى مهاوي النفاق والكذب والتضليل.
أقسم الله العزيز بالقلم منذ الأزل، لكشف الحق وتبيينه.
فالقلم المطروح “لمن يدفع أكثر” قلم مُنفر ومقيت، وفاقد لكل عناصر الإبداع، وهو يمثل بوق الارتزاق لمن يدفع أكثر، لا تسد جوعه كل اللقيمات ولا يتذكر أفضال الآخرين عليه، مأكله من الفتات وموائد اللئام، تجده كمومياء فرعونية محنطة لا تؤثر ولا تتأثر، بل يصنع ضجيجًا منفرًا كمن يتعمّد كسر الصحون في بيت العزاء.
إن من أخطر أنواع النفاق وأكثرها لؤمًا هو قلم الكاتب المنافق بكل أشكاله وأساليبه؛ لأنه حالة نفسية تنبئ عن خبث طوية، وتمتاز بالتملق والجبن والغدر، وكالحرباء تقلب الحقائق بكل جرأة، دون أن يرمش لها جفن.
من سمات الكاتب المنافق الكذب والتضليل، والخيانة وتغليب المصلحة الذاتية الضيقة، والجبن والخنوع، وهو يدمر الثقة بوسائل الإعلام بتعمد نشر المعلومات الخاطئة تضليلًا للرأي العام. فسمات هذا النوع من الكتّاب النفاق والكذب، وخيانة الأمانة الإعلامية، وقد أخذ على عاتقه تزيين الأمور وتغيير ألوانها وأشكالها ومضامينها ليحظى بمكسب لحظي أو مجرد منصب وهمي، فلا شيء أسوأ من خيانة القلم، فالرصاص الغادر قد يقتُل أفرادًا بينما القلم الخائن قد يقتُل أُممًا.
ما أكثر الأقلام الخائنة اليوم التي كانت تمدح اليد العُليا، وعقب إبعادها أصبح همها محاولات محمومة وخائبة لتجميل القبيح وستر المعيب والترويج لما هو غير مقبول. أقلام وظيفتها الترويج للباطل ومسح الجوخ وتلميع أحذية الطغاة، وذر الرماد في عيون المساكين والبسطاء.
أقلام ترتكب كل صباح جريمة في حق من أكرمها من أناس وكيانات، لتثبت أنها أقلام صماء فاقدة لحرارة الكتابة والحياء، ولصدق القول، فمدادها رياء وتملق ومداهنة..!! وليس هناك أسوأ من أقلام تكتب بالإشارة والهمز واللمز، وتستخدم عند الحاجة لتلبي رغبة من يدفع أكثر!.
إن القلم أمانة ومسؤولية، وسيأتي اليوم الذي تنكشف فيه أقلام الخيانة والعمالة المأجورة المدفوعة بثمن بخس، لتشارك في كل المؤامرات والدسائس، إنها معول هدام تساهم في زعزعة الاستقرار؛ فهي عدو النجاح ومعول إفساد لإنجازات الناجحين.

تعليق واحد

  1. كلمات مؤثرة وجميلة اخي . صدقت اي والله وكتبت ماهو صحيح . شكرا لمشاركتك المميزة والفريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى