اتصلت على أحد الأصدقاء، وطلبت منه أن يذهب معي إلى الطائف ؛ ليغيّر جوه، ويخرج من حالة الكبت التي هو فيها.
ما إن وصلنا الطائف عند صديقنا المضياف كامل الأوصاف حتى وجدنا عنده أحد الزملاء برتبة (حكواتي). تحمد لي بالسلامة بعد إجراء العملية الجراحية وقال: مشتاقون لقراءة مقالك الأول بعد العملية.
وكنت وقتها أتكلم مع صديقي وأروّح عنه ببعض الكلمات ؛ ليتحدث معنا ويطرد الطاقة السلبية التي تلبسته بعد مرضه.
وضعت صحن الفاكهة بالقُرب منه، وقلت له : كُل وفَتْمن جسمك من هذه الفيتامينات ، ترى ما أحد يموت قبل يومه، فابتسم ومدّ يده وأكل ما لذّ وطاب.
وما إن تهلّل وجهه وعادت الابتسامة إلى محياه وإذا بالزميل الحكواتي يقول له: أستغرب من إنسان مثقف مثلك ما يحافظ على صحته، عندك سُكر وتأكل فاكهة؟
تغيّر وجه صديقي بسرعة، وشعرت بغصته في حلقه من حديث الحكواتي، واكتفى بإبعاد صحن الفاكهة عنه، ثم قام واتجه ليغسل يديه.
طبعًا؛ لم أتمالك نفسي أمام قلة حياء الزميل وسخافته.
قلت له: أنت ما تعرف تجلس وأنت ساكت؟! رد بسرعة وقال: وما دخلك أنت ؟!
فقمت ودففته على ظهره، وهممت بضربه وإذا بمضيفنا يقول :
اتركه من أجلي هذه المرة، قالها وهو يتابع خبر إصابة دونالد ترامب في أذنه عبر التلفاز، وأنا ماسك بحلق الملقوف.
تركته نزولاً عند رغبة المضيف، وتناولت السكين؛ لأقطع باقي الفاكهة، وإذا بالحكواتي يهرب من المكان بسرعة فائقة ويده على أذنه.
أكملت تقطيع الفاكهة وأنا جالس على المسند مشمرًا أكمام الثوب في صورة لم يعهدها مضيفنا.
بعدها رنّ جوالي وإذا برقم صديقي!
رددت عليه وأنا خائف من انتكاسة حالته، وكانت نبرة صوته جدًا عالية وقال : يا أخي، من وقت وأنا أنتظرك !
قلت له: شرد الزميل الملقوف.
قال : ملقوف مين أنا تحت أنتظرك…
بتطلع الطائف وإلا بتكمل نومك، لكن يبدو أن أثر تخدير العملية واضحٌ عليك!
فقمت وغسلت وجهي، ونزلت إليه وهو يستمع للعندليب عبد الحليم حافظ، (بحلم بيك أنا بحلم بيك).
6
جميل جداًٍ مقال من العيار الثقيل يستهدف المجتمع النخبوي ولن يفهمه العامة والبسطاء لأنه هم الصحافة واثر بنج العملية حتى في نومك تشغل فكرك الأحداث العالمية والمحلية. والاجتماعية وايضاً فيه لطمة لكل حكواتي ملقوف من المتفكهين عبر السوشل ميديا ووسائل الإعلام ممن لا يعرفون متاعب الصحافة ومهنية الإعلام الحقيقي
رائعة جدًا..
كثيرون هم من يجدر أن يطلق عليهم “هادموا المسرات”… وكأن الحياة ومباهجها البسيطة لا تليق بالنخبة …
وما كان ضر “صاحبنا” لو ترك الرجل لبهجته عوضًا عن ثرثرته غير المبررة!
سلم فكرك وقلمك أ. عبدالله
مقالة ممتازة بأسلوب مميز أ. عبد الله
أعجبني فيها المزج مابين السخرية والخيال وربطها بالأحداث الدولية.
والحمد لله على السلامة.
الأديب عبد الله بن أحمد الزهراني كاتب بارع جدا.
مقال عميق بأسلوب تصويري وكوميدي فني.
مقالاتك تذكرنا بمقالات المازني والرافعي والعقاد وتنوع الأساليب لديهم ومعالجة القضايا المجتمعية.
أيدلوجية فريدة ، وسيمياء عميقة جدا !
أحييك د/ عبدالله.
قصة ممتعة ومليئة بالحيوية، تُبرز تفاصيل الحياة اليومية بأسلوب شيق وجذاب. لقد أبدعت في تصوير المواقف والتفاعلات بطريقة واقعية تُلامس القارئ. شكرًا لك أستاذ عبدالله على هذا السرد الرائع والمشوق.
مقال ظريف من كاتب لطيف
ولو إني وضعت يدي على أذني خوفاً
من السكين وهربت توقفت بعد دقائق أتفقد الاذن اليمنى طلعت أذني سلامات والحمد لله