عندما تتسع دوائر التعارف على مر السنين مع أطياف الناس، وتنغمس النفس البشرية في محيط اهتماماتها، وسحائب أحلامها المتناثرة، لتمطر أحيانًا فتجتهد في الانتفاع منها، أو تبتعد فتهرول طمعًا في اللحاق بها، أو تتبخر فتبحث علها تجد بديلًا عنها، هنا تتزاحم الأسماء في قوائم متنوعة يحكمها ميول المرء واهتماماته، ومع كثرة هذا التنوع يتواجد بيننا أناس طيبون ، أخلاقهم الصدق والتواضع ومحبة الخير للناس، وشيمهم النبل والوفاء وعدم الخوض فيما لا يعنيهم من شؤون الناس، نحسبهم والله حسيبنا وحسيبهم أنهم من خيرة الناس وأنقاها، وبرغم أنهم قد لا يتمتعون بكثير من حظوظ الدنيا وزينتها، إلا أننا نحبهم لصفاء معدنهم وجمال منطقهم وصدق معشرهم، ولكن للأسف فبرغم حبنا لهم تشغلنا الدنيا عنهم، ونمني أنفسنا مرارًا وتكرارًا برجاء اللقاء بهم والتمتع بوصلهم وجمال صفاتهم، ليفاجئنا قدر الله بسرعة رحيلهم عن الدنيا، ونحن عنهم غافلون وبدنيانا منشغلون. نعم يرحلون دون أن تبلغ النفس منهم مبتغاها، وتسعد بهم في مسعاها، يرحلون ولهم في خواطرنا كثير من الأمنيات وفي ذاكرتنا كثير من الذكريات، لنبكي بحُرقة على فقدانهم في حياتنا وضياع فرص اللقاء بهم في دنيانا .. فآه ثم آه من لوعة فراق الأحباب وفقدان الطيبين من الأصحاب، ومع أننا عادةً نلتمس لأنفسنا الأعذار في قلة الوصال بهم بالانشغال عنهم بأمور دنيانا المشروعة، إلا أن الضمير يُعاتبنا في ضياع فرص الوصال؛ ليكون اللقاء بهم في أولويات اهتماماتنا بدلًا من البقاء في جداول الانتظار وصدف المناسبات التي قد تأتي، ولكن بعد رحيلهم ربما بأيام وساعات ..
ورحم الله لبيد بن ربيعة حين قال أبيات منها:
وَما الناسُ إِلّا كَالدِيارِ وَأَهلُها
بِها يَومَ حَلّوها وَغَدوًا بَلاقِعُ
وَما المَرءُ إِلّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ
يَحورُ رَمادًا بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ
لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى
وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ
سَلوهُنَّ إِن كَذَّبتُموني مَتى الفَتى
يَذوقُ المَنايا أَو مَتى الغَيثُ واقِعُ
فاللهم اجبر مصابنا في رحيل الطيبين، ورحم الله موتانا وموتى المسلمين أجمعين، واجمعنا ربنا بهم في جنات الخلد جنات النعيم .. آمين…
رحم الله جميع موتانا وموتى المسلمين وجمعنا الله بهم في جنة عرضها السموات والأرض ابدعت اخي الحبيب طاهر ولكنها هذه سنة الحياه وكأنها تريد ان تباعد بين الاحبه مرة للبحث عن لقمة العيش ومره للبحث عن اماكن راحت النفس للسكن ومره اخرى تتحكم فيها عوامل خارجه عن ارادتنا ، لعل الله يجمع الاحباب ويهنيهم بمن يحبون اما حياة دنيويه او أبديه