الكاتب الكوميدي وأحد أشهر الكتّاب المسرحيين في العالم، والحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م، الإنجليزي الشهير السيد (جورج برنارد شو) صاحب اللسان اللاذع والمقولة الشهيرة: “ما أجمل النظافة ولكن ما أعظمها عندما تكون في عقولنا”؛ كان صديقًا مقربًا جدًا لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق، الذي قاد بلاده أثناء الحرب العالمية الثانية السياسي الداهية السير (ونستون تشرشل)، على الرغم من أنه كان على خلاف فكريِّ كبير ودائم معه.
كان الصديقان اللدودان (تشرشل) و(برنارد شو) نقيضين في كل شيء.. (تشرشل) البدين.. والمدخن الشره … ومدمن الخمر…و(شو) الساخر، ونحيل الجسم، والبخيل، لهما حكايات ومواقف طريفة منذ أن التقيا أول مرة على سور إحدى مدارس مدينة لندن العاصمة البريطانية وهما في طريقهما للهروب من المدرسة … وما من مرة التقيا فيها إلا وكان بينهما حديث ساخر وذكريات مشتركة.
ويروى عن الأديب والسياسي البريطاني السير (ونستون تشرشل) الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1953م، شغفه وحبه الكبير للنكتة البارعة، فكان دائم التحرش بصديقه المقرب الكاتب المسرحي (برنارد شو) ليتلقى قوارص كلامه.
يُقال: إن (تشرشل) والذي كان “ضخم الجثة” قال لصديقه (برنارد شو)، والذي كان “نحيل الجسم” في إحدى المرات: إن من يراك يا أخي (برنارد) يظن أن بلادنا بريطانيا تعاني من أزمة اقتصادية حادة، وأزمة جوع خانقة!! فأجابه صديقه (برنارد شو) على الفور، قائلًا: صدقت ومن يراك أنت يا صديقي سوف يدرك سبب الأزمة!!
وفي مناسبة أخرى؛ وذلك عندما حدد (برنارد شو) موعدًا للعرض الافتتاحي المسرحي الأول لمسرحيته الشهيرة بعنوان: “بيغ ماليون”، والتي قام بإخراجها لنفسه، يُقال إنه أرسل لصديقه المقرب السير (ونستون تشرشل) بطاقتيّ دعوة، وقد أرفقهما ببطاقة ثالثة كتب فيها: “لقد أرسلت لك بطاقتين كي تحضر الافتتاح لمسرحيتي (للدلالة على كبر حجم جسمه)، مع صديق، إذا كان عندك صديق يرغب في الحضور معك.!”
وكان (برنارد شو) يُشير بذلك أيضًا إلى ما هو معروف عن السير (ونستون تشرشل) من أن له من الأعداء أكثر مما له من الأصدقاء، ولم تفت هذه اللمحة الساخرة على السياسي الداهية (ونستون تشرشل).
ولما قرأ السير (تشرشل) العبارة وفهم مغزاها، رد البطاقتين إلى صديقه الساخر (برنارد شو) مع بطاقة كتب فيها: “إنني آسف جدًّا لأني لم أتمكن من حضور العرض الافتتاحي الأول للمسرحية، آمل بأن ترسل لي بطاقتين للعرض الثاني، إن كان هناك عرض ثانٍ للمسرحية!”، وبالمناسبة.. فإنني لا أدعو تلاميذ المدارس إلى الهروب من المدرسة ليصبحوا من المشاهير -لتذكير (برنارد شو) بهروبه من المدرسة- وأقول هذا من الآن لأن بعض القراء سيسارعون بالكتابة إليَّ قائلين.. إنك تشجع الطلبة على الهروب من المدارس!
توفي (برنارد شو) عام 1950م، عن 94 عامًا، وفي عام 1965م، توفي صديقه (تشرشل)، عن عمر يناهز 90 عامًا.
1
جميل أن يتطرق دكتورنا الغالي لموضوع من المواضيع الرائعة، حول شخصيتين عالميتين، كان لهما تأثير أدبي وسياسي كبير في بريطانيا والعالم، وقد شدتين هاتين الشخصيتين المتناقضتين، منذ شبابي، وقد تابعت الجهود الكبيرة التي بذلها تشرشل في الحرب العالمية الثانية، وشجاعته وجرأته وعدم تخاذله أمام هتلر الذي صب جام غضبه على لندن بالقنابل والصواريخ والأسلحة الحديثة في ذلك الوقت، لكن تشرشل ظل صامداً قوياً، حتى انتهت الحرب بهزيمة هتلر، وانتصار الحلفاء. أما الفيلسوف والناقد الساخر برنارد شو، فقد مدح الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقال: ( لو أن محمداً موجود بيننا الآن لحل مشاكل العالم وهو يحتسي موباً من الشاي). ومن لدغاته أنه سئل مرة عن صلعه ولحيته حيث (كان شو أصلعاً بينما له لحية كثيفة)، فأشار إلى لحيته وقال كثافة في الإنتاج ( وأشار بصلعته) فقال وسوء في التوزيع… وأخيراً أشكر لمعالي الدكتور بكري عساس حظه الأدبي، وخلفته الثقافية والتاريخية الرائعة التي دائماً ما يشاركنا بها على صفحات صحيفة مكة الاليكترونية، ومنتظرين منه الكثير.