بقلوب يعتصرها الحزن والأسى، ودعنا مطلع هذا الأسبوع الشيخ إبراهيم بن درويش الشيخي شيخ البرادية بقبيلة المشاييخ وفجعنا بخبر رحيله، كانت حياته عنوانًا للعطاء والبذل، ورمزًا للكرم والسخاء، لا تجده إلا في الصف الأوَّل من الصلاة، مشاركًا أفراد قبيلته في أفراحهم وأحزانهم، ليتقاسم معهم اللحظات السعيدة والمريرة على حدٍ سواء.
لقد كان شيخنا الراحل نموذجًا يُحتذى به في إصلاح ذات البين، في سعي دائم لجمع القلوب المتنافرة، وحل الخلافات، وغرس قيم المحبة والتآلف بين أفراد القبيلة بل وخارجها؛ ولم يكن يقف عند هذا الحد، بل امتدت جهوده لتنمية البلدة التي أحبها وأخلص في خدمتها، مساهمًا في أعمال الخير والبناء، واضعًا بصمته في كل زاوية منها.
كان حضور الشيخ إبراهيم في المناسبات الرسمية مهيبًا ومميزًا، ودائمًا ما نراه يتقدم الصفوف مرحبًا بالضيوف بكل حفاوةٍ وبساطةٍ، يجسد بأفعاله قبل أقواله نقاء سريرته وسماحة نفسه. كان يعامل الناس بمحبة واحترام، أبًا وأخًا للصغير والكبير مما جعله محبوبًا من الجميع، صغارهم وكبارهم، قريبهم وبعيدهم.
لقد تميَّز الشيخ الراحل بمشاركته في المشاريع الخيرية وعضوية الجمعية العمومية بجمعية البر الخيرية بدوقة، وإشرافه على وقف إحسان البرادية الخيري، حيث سخر جلّ اهتمامه في دعم المشاريع الخيرية التي تعود بالنفع على المحتاجين. كما كان داعمًا ومشجعًا لمشروع الزواج الجماعي لأفراد القبيلة، مؤمنًا بأهمية تقوية الروابط الاجتماعية والأسرية، ولم يكن دوره في دعم القبيلة يتوقف هنا، فقد كان من الداعمين الرئيسيين لفكرة إنشاء مجلس للقبيلة، بمشاركة شيوخ ووجهاء القبيلة، لتعزيز التواصل والتعاون بين أفرادها، والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة لها، وتعزيز دورها الإيجابي في المجتمع .
أصيب شيخنا الراحل بمرض أقعده المنزل، ورغم معاناته مع المرض، لم يتوقف عن العطاء ولم تتراجع همته. بكاه الجميع عند رحيله، حيث كانت دموع الحزن تعبّر عن مكانته العظيمة في قلوبنا. لقد دفن في مكة المكرمة، وحضر جنازته جمع غفير من المحبين والمودعين الذين أتوا من كل حدب وصوب؛ ليشهدوا لحظات الوداع الأخيرة لرجلٍ نذر حياته لخدمة الآخرين.
لقد ترك رحيل “أبو عبد العزيز” فراغًا كبيرًا في قلوبنا، فراغًا لن تملأه الكلمات ولا الدموع. سنظل نتذكره دائمًا بأعماله النبيلة، بمواقفه الشجاعة، وبروحه الطيبة التي كانت تضيء دروبنا. سنظل نروي قصص كرمه وشجاعته وحرصه على مصلحة الجميع؛ ليتعلم منها الأجيال القادمة قيم الوفاء والعطاء والتضحية.
في الختام، نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهمنا الصبر على فراقه. سيظل الراحل حاضرًا في ذاكرتنا، رمزًا للأخلاق الحميدة والصفات النبيلة، وستظل ذكراه خالدة في قلوبنا وعقولنا. وداعًا يا شيخنا الغالي، رحلت جسدًا، لكن روحك الطيبة وأثرك العميق سيبقيان معنا إلى الأبد.
– المشرف التربوي بتعليم القنفذة
• رئيس جمعية “غراس دوقة” بمنطقة مكة المكرمة