على صهوة مقال
** أقول مقتبسًا :
إن الفكر السلوكي النفسي المتواشج يحدث انسجامًا بهيجًا بين القلب والعقل..!
ويرى (التربويون).. أن لا بد من إصلاح الخلل (الهيكلي والمنهجي وحتى النفسي) للإنسان الفاعل!! ذلك أن (إنسانية التربوي) توكل إليه مهمة تحمل أعباء (التربية بمطلقها) في كل المؤسسات التربوية..
.. و(التربية النوعية).. حري بها أن تتبيَّن الوقائع والأحداث المتلاحقة في الساحة المحلية والعالمية مع التمسك بأهمية شعار (التعليم أداة التطور والتربية)..
** و(التربية الوقائية) وبمحاورها الأمنية والإعلامية والتعليمية هي تحديات تضاعف المسؤولية تجاه الذات والذوات الأخرى، وترتسم بامتلاك (العقل والعاطفة) تفاعلًا مع آليات التحكم النفسي في مقدرات الأمة (البشرية.. والاقتصادية) كما تتعامل مع عولمة (الثـقافة البرغماتية) والغوغائية بكل الحيطة والاحتراس والحذر، لأن هذه (المخاطر) ينبغي أن تزيد من وعينا بضرورة التصدي لها، ولما يتهدد السلام العالمي من سلبياتها.. ويضيف قائد إسلامي معروف (أن لا بد من اعتمال التوازن الفكري أمام تياراتها المتدافعة وأمام فقدان المرجعية الأخلاقية المنبثقة منها لتطويقها)..
** و(التربية الوقائية).. أمام جملة من المعطيات والأحداث التربوية الفردية والجمعية!! وحتى لا تصيبنا رواسب السلوكيات المستوردة في جميع (متجهات) واقعنا المعاش، لا بد من (التربية الوقائية) كضرورة اجتماعية أمنية وإعلامية وتعليمية أولاها (الإسلام) اهتمامًا كبيرًا، وجعلها كمنهج نتلمسه في مصلحة (الحديث المحافظ) من الضروريات أو الإلزاميات لأي (تحول) في المجتمع!! لأن (رسالة الإسلام التربوية) ليست محصورة في النطاق التلقيني!!
بل هي.. محركة وفاعلة ومتفاعلة مع عقل الإنسان، وجامعة لكل مناحي الحياة..
جاءت.. لتصحيح مفاهيم الإنسان وسلوكياته غير السوية وتوجهاته السلبية وغلوه!! كما أنها أتت (بمعرفة مستقبلية) لها فعاليات وبصمات في حياة الكون..! فالقول الذي يركز على تطبيق السلوك الذاتوي بلا منهجية أو بمعزل عن الاصطلاح الديني، وهو (قول خاطئ) ولا يمكن أن تكون له قائمة طالما لم يتمسك بالعروة الوثقى..
فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (سورة فصلت.. الآية 33)
** ثم إن.. ضرورة الاهتمام بالتربية الوقائية المتمخضة عن الدستور الإسلامي (تعد كمنهج يجب أن يصاغ) أساسية لرفع مستوانا السلوكي في (جهاد النفس)، وهو ما سيجعلنا نعتمد على تهذيب الذات من تلقاء الذات!!.. والقرآن الكريم جاء منسجمًا تمامًا مع الكون في أبعاد متغيراته المتعلقة في (تربية النفس) ووقايتها، ويقدم (التربية المعرفية)؛ حيث يتطور سلوك الإنسان في (المنظومات المفهومية) لما دعا إليه القرآن كمًا وكيفًا.. يقول -عز وجل-: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (سورة الأنعام الآية 38).. ويؤكد (علماء التربية) في المقابل وجود ظاهرة العموميات في مفاهيم وقاية السلوك الموجودة في كل مكان وزمان، وتختلف الممارسات في التعبير عنها وبتراكيب عملية وحتى لغوية تختلف من لسان إلى لسان!!
** ولقد استخدم (التربويون) مصطلح الوقاية وإن كان هذا المصطلح لم يرد حرفيًا في القرآن الكريم!! لكن الرابطة التربوية في أن (تتقوا..) و(تقاة).. و(تقوى) تخول النفس على سلطتها.. سلطة سلوكية تربوية على شيء.. أو تجاه نفس أخرى!! ويفهم من هذه (التربية الوقائية) أن لصاحب السلوك الحق أن يمارس سلوكه السوي أو يتخلى عن سلوكه المناقض والإسلام لا يسعه إلا أن يقر بأصالة وتفرد نصوص الشريعة التي عالجت التربية، وفي القيمة المتعلقة (بالذات وحقوقها) الصادرة والواردة!!
** ولعل المنهج الإسلامي لابن سينا في الأهداف التربوية يؤكد أن الإسلام ليس محصورًا في نطاق تلقيني لتعليم التربية.. وأن الوقاية التربوية التي ترتكز على التعليم وبامتلاك (العقل والعاطفة).. لهي معطيات سلوكية تتفاعل جديًّا مع التحكم النفسي وتبيان آلياته والمنافحة عنه وإبراز المقدمات العقلية فيه والتأكيد على (الثقافة التربوية الإسلامية) التي لم تترك وسيلة للتوجيه والعلم والتعلم والمعرفة إلا ونفذت بها إلى السلوك، وترفعت بها عن الدنايا وجنحت معها إلى التسامح والسمو الروحي والأمن التربوي بتحريك القلوب وملء العقول وبالوئام والإيثار، والرابط النفسي الذي يفضي إلى السكينة والطمأنينة، ويلفظ العنف والتطرف والغلو، ويقف شاهدًا على جوره ضد الذوات الأخرى والمقدرات والمكتسبات..!!
** يقول ابن سينا..”والعلم يكون لمنفعة ولخير يجنيه الفرد والجماعة”!! ويجب أن يكون للعلم والتعليم غاية قريبة ومتصلة بحياة الإنسان وبحاجياته الدنيوية إلى جانب الأهداف (الوقائية)، والغايات القصوى الدينية والخلقية”..
وهذا معناه.. أن (ابن سينا) يركز على إصلاح الخلل الهيكلي والمنهجي والنفسي للإنسان الفاعل.. وبعاملين أساسيين في إنسانيته التربوية.
أولًا: العامل الخُلقي وذلك بأن يتحلى الفرد بالتوجيه الديني في سلوكه وتربيته هدفًا ووسيلة..
ثانيًا: و(بالتربية النوعية) دوّن (ابن سينا) و(ابن طفيل) معًا عناصر وقائية في العملية التربوية الحديثة التي أخذت مساحة كبيرة في (الرقعة الجغرافية للتربية)؛ ليصبح هذا المصطلح المسمى (بالتربية الوقائية) صياغة مستمرة تستلهم قوتها من هويتنا، وكونها تمثل الركن الأساسي لتربيتنا الأمنية والإعلامية والتعليمية وكونها تهذب الذات (بالتفكير والتحليل والاستنتاج) عندما تصنع لخصوصيتها وعموميتها آلية سلوكية تقيها شر:
* التصرف الأرعن اللامسؤول تجاه الذوات الأخرى.
* والغلو في (أدلجته) المتحكمة في استباحة العدوان.
* والتطرف (البرغماتي) والغوغائي والإرهابي عند فقدان المرجعية الأخلاقية في التعامل..
* و(للغزالي) أيضًا في (إحياء علوم الدين) دعامة تربوية نوعية شاملة تدعو إلى التربية الوقائية، وتستعجل جميع المؤثرات التعليمية (لتربية الطفل) و(تربية المراهق) و(تربية الذات الإنسانية) في عموم مراحل نموها.. لكنها تعالج كل حدود (المعاناة) و(اختلال القيم الأخلاقية والأيديولوجية)، واستفحال مخاطر انتشار العنف (جريمة قتل الآخرين) تحت ذريعة (الاستخلاف الحياتي)، وربط أفراد الأمة بمشاريع تساهم في حل مشكلاتهم وتحقيق حاجياتهم، وهو ما اتسعت له (الخروق على الراتق) فزحف (بظلاميته العدوانية)؛ فحجب عن الناس رؤية الحق..
لكن (مغالطات كهذه) تتحطم أمواجها على صخر (التربية الوقائية) المنهج الإلزامي الذي يحرك القلوب، ويملأ العقول ويرشد الأفهام؛ فيجذب (جهاد النفس) إلى رحاب الدين الإسلامي المنظم للحياة الإنسانية الحافلة بكل ما هو مفيد للبشرية بأخلاق نبيلة تدعو لها شريعة الله الخالدة بكل العقل والوعي والعاطفة!!
** نعم.. (للتربية الوقائية) منهج مستمد من هويتنا.. يُبدد ظلام الذات كالفجر الساطع في سماء حالكة السواد!!
** اللهم.. قدر من الصلاح.. وقرب “في هذا المنهج” من النجاح..!!
………
د.عدنان المهنا
كاتب وناقد صحفي
**أخصائي الإعلام النفسي بجامعة المؤسس