دار الحديث ذات مساء عن الرياضة وشؤونها، مع الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، بحضور الدكتور/ رجا الله السلمي، وثلاثة إعلاميين سعوديين، وقلت لسموه عندي خطة قد تكون مفتاح تحقيق الهدف لجعل السعودية في المراتب الخمسة الأولى آسيويًا والمراتب العشر الأولى عالميًا بحول الله وقوته، فقال لي حرفيًا: “أرسلها لنا”، وبالفعل أرسلتها، وكنت أتوقع عقد الاجتماع التحضيري لشرح تفاصيل الخطة، لكن رسالتي تاهت ولا أعلم مصيرها، تذكرت هذه الخطة وهذا اللقاء مع سموه فور إسدال الستار على أولمبياد باريس 2024، وبعد مشاركة سعودية لا ترتقي لأهداف رؤية 2030.
وبالعودة للماضي القريب فور انتهاء دورة الألعاب الآسيوية 2022 في الصين التي تأخرت لتقام 2023، تذكرت المناحة المعتادة والتطبيل السطحي الإعلامي من بعض متسلقي الإعلام قبل وأثناء وبعد كل دورة أولمبية آسيوية أو عالمية، وخجلت من هذا الفكر الإعلامي التضليلي، والبعيد عن مواكبة قفزات رؤية 2030 التي تلوح في الأفق عبر مشاريع عملاقة ستضع السعودية في الواجهة اقتصاديًا وحضاريًا، ومن ضمن قمم العشرين بكل فخر لكل سعودي، وتذكرت مناحة بعض الإعلاميين وتطبيل البعض الآخر؛ فأشفقت على عقول الأجيال من هذا الإعلام الساذج.
بواقعية شديدة أعتقد أننا لم نبدأ البداية العلمية التي تدلنا على خارطة طريق العالمية في الألعاب المختلفة عدا الفروسية التي سجلت حضورًا لافتًا في باريس؛ وخاصة الفارس عبد الرحمن بدر الراجحي الذي قدم مستويات رائعة، وكان مع أهل القمة بكل جدارة.
لم نبدأ سمو الأمير الخطوات التي تقربنا من التطلعات المستقبلية، ولا زلنا نحبو على مستوى القارة الآسيوية أما على المستوى العالمي؛ فقد كشفت لنا باريس الحقيقة المؤلمة، وهي أننا لم نبدأ بعد!! لأن الخطوات رتيبة وتقليدية قديمة جدًا، وأدوات التنفيذ لا ترتقي لطوح وزير رياضتنا الشاب، ولا لطموح الوطن.
لم نبدأ بعد يا سمو الأمير، والدليل ترتيبنا في القائمة الآسيوية عقب انتهاء أولمبياد آسيا فقد احتلت السعودية المركز التاسع عشر، متقدمة علينا دول صغيرة في حجمها السكاني، وفي إمكانياتها المالية مثل: البحرين التي حققت عشر ميداليات ذهبية بينما حققنا أربع ذهبيات فقط ولولا الفروسية التي تجملنا، وتجبر بخواطرنا في كل محفل خارجي لكان ترتيبنا في موقع محرج للغاية.
صحيح ظهر عدد من اللاعبين الذين حققوا ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية آسيويًا، لكن طموحات الوطن تتجاوز ذلك بكثير، وطموحات وزيرنا الشاب تفوق ما حققوه بكثير، وصحيح أن الفروسية سجلوا حضورًا لافتًا، وحصلوا على ميدالية الفرق برقم إعجازي مذهل وهو مئة وعشر ثواني دون خطأ واحد والميدالية الذهبية للفردي.
يا سمو الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل نعرف القفزات التي تحققت في زمنك، ونعلم حرصك ومتابعتك لكل جزئيات العمل، وكنت أتمنى عرض الخطة التي أرسلتها قبل سنوات على سموكم الكريم فلعل فيها نقاط محورية تستحق الاهتمام، وكنت أتمنى ومن باب احترام الحقوق الفكرية لمواطن بسيط يعيش في أطراف البلاد لو تلقيت اتصالًا أو استفسارًا عن الخطة التطويرية التي رسمتها من خلال خبراتي في المجال الرياضي التي تمنحني فرصة معرفة المسافة التي تفصل بيننا وبين الآخرين.
نحن يا سمو الأمير باختصار شديد لم نبدأ بعد، وسبق أن رددت هذه العبارة بعد دورة أولمبياد سيدني 2000 رغم تحقيق هادي صوعان أول ميدالية أولمبية للسعودية، وكررت عبارة لم نبدأ بعد في أولمبياد أثينا 2004 ثم أولمبياد الصين 2008 ثم فيما تلاها من دورات وآخرها أولمبياد باريس 2024 التي اختتمت بانتظار لوس أنجلوس 2028، ولا زلت أكرر عبارة “لم نبدأ بعد” لأن الوصول للعالمية في الألعاب الأولمبية يحتاج لكوادر إدارية وفنية أخرى غير الموجودة حاليًا مع كامل الاحترام والتقدير لهم جميعًا، ويحتاج لخطط تنفذ بدقة عالية غير ما قامت عليه (مهد) التي نفذت خططًا قديمة بعقول لا توصلنا للعالمية، أما بعض إعلامنا الرياضي فيكفيه سوء حشفه وسوء كيله تقديمهم فاصل من الهواش على طريقة حراج بن قاسم، والتطبيل قبل كل دورة ألعاب أولمبية بأننا سنحقق شيئًا، ثم ينصبون مناحة لا نهاية لها بعدها.
عمومًا لم “نبدأ بعد” يا سمو الأمير ومتأكد أننا سنكون في الموعد عندما نضع نقاط العمل لصناعة الأبطال على حروف المستقبل بمواطنة صادقة، وليس بأهواء فردية، أو أمزجة أنانية مقذعة، ونأمل أن يتحقق ذلك بحلول 2030 فالمنجزات السعودية تسابق في قفزاتها كل التوقعات، وهي مرآة لحضارة الشعوب، واستقرارها السياسي والاقتصادي، ويبقى إضاءة الشعلة الأولمبية بيد وزير رياضتنا الشاب؛ ليشعل نقطة الانطلاق للمنجز الأولمبي السعودي الذي يعتقد رؤساء الاتحادات الرياضية أننا بدأنا ونحن لا زلنا في المربع الأوَّل.
همسة
بعد أولمبياد باريس 2024 يمكن القول: إن لدينا رياضة الفروسية فقط.