المقالات

جرائم الاحتيال بين التحدي والواقع

حقيقة قفزت ظاهرة الاحتيال المالي بشتى أنواعها وصورها في الحياة الاجتماعية من خلال مراحل قصيرة ومقاربة المدى إلى مصاف الجرائم عالية الخطيرة، والتي تستهدف اليوم الأوضاع الاقتصادية والتجارية والأمنية، واستغلال الظروف السياسية وأحداث الكوارث وغيرها وحقيقة فقد ظلت هذه الظاهرة في أدبيات الثقافة المأثورة عبر الروايات التاريخية مادة للتندر، والطرفة دالة على الحنكة وسبك الحدث الاجتماعي وتداعيه بخفة وبراعة وليس إلا بيد أنه غدا في الحياة المعاصرة مقلقًا ومرادفًا للنصب والغش والفساد والاستغلال؛ ونظرًا للتحول في منظومة المبادئ والعادات والانفجار الرقمي المهول في قائمة زخم هذه الأنشطة الاحتيالية عالية المخاطرة والمهددة لأمن المجتمع وثروته ومقدراته، والقاطعة على طريق الاستثمار والتنمية التجارية المستدامة والمهددة للأمن الاقتصادي، وحقيقة مفهوم الاحتيال أوسع من كونه غشًا وكذبًا ينطوي على الخداع للوصول لأموال الضحية بالطرق والألاعيب المختلفة، وإنما تجاوز مفهومه حتى عبر القارات وحقيقة جرائم الفساد لا تقع إلا بارتكاب طراق احتيالية أولية على النظام لتلافي الثغرات كالترسيات العقدية المغض عنها الطرف للاحتيال على النظام العام، وكذلك من صوره ما يحدث في أسواق الأسهم من تلاعب كبار المضاربين في سوق الأوراق المالية من خلال إدخال أوامر بيع بسعر عالٍ جدا حتى يرتفع السعر ويجر الضحية للشراء، وهكذا دواليك ويعد ذلك من قبيل الاحتيال وكذلك المبالغة في الدعاية والإعلان عن منتج والمبالغة في وصفه ومدحه، وبالرغم من قلة جودته ويعد من قبيل الاحتيال وحقيقة صور النصب والاحتيال لا تنتهي جدًا من ممارسة التصيد والدعايات الوهمية، واستغلال الشركات والمؤسسات الوهمية أو المقيدة صوريًا باسم قاصر أو الوعد بالثراء السريع في أي استثمار وهمي ونحوه، وقد عالجها المنظم في كثير من الأنظمة الأمنية والتجارية ونحوها، وقد نص نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة بالمادة الأولى:
يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز (سبع) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على (خمسة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى على مالٍ للغير دون وجه حق بارتكابه فعلًا (أو أكثر) ينطوي على استخدام أيٍّ من طرق الاحتيال، بما فيها الكذب أو الخداع، أو الإيهام.
وكذلك نص نظام مكافحة الغش التجاري:
حيال صور الغش بالمادة الأولى
المنتج المغشوش:
أ – كل منتج دخل عليه تغيير أو عبث به بصورة ما مما أفقده شيئًا من قيمته المادية أو المعنوية، سواء كان ذلك بالإضافة أو بالإنقاص أو بالتصنيع أو بغير ذلك، في ذاته أو طبيعته أو جنسه أو نوعه أو شكله أو عناصره أو صفاته أو متطلباته أو خصائصه أو مصدره أو قدره سواء في الوزن، أو الكيل، أو المقاس، أو العدد، أو الطاقة، أو العيار.
ب – كل منتج غير مطابق للمواصفات القياسية المعتمدة.
ج – المنتج الفاسد: كل منتج لم يعد صالحًا للاستغلال أو الاستعمال أو الاستهلاك وفق ما تبينه اللائحة.
وثم رتب الجزاء عليها بالمادة السادسة عشرة
يُعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو السجن مدة لا تزيد على سنتين، أو بهما معًا، كل من ارتكب إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادة (الثانية) من هذا النظام.
وثم المنظم شدد في حالات ذكرتها المادة الثامنة عشرة
يعاقب بغرامة لا تزيد على (1.000.000) مليون ريال، أو بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بهما معًا – في الحالتين الآتيتين:

إذا اقترن فعل الخداع – أو الشروع فيه – باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة، أو باستعمال طرق ووسائل من شأنها جعل عملية وزن المنتج أو قياسه أو كيله أو فحصه غير صحيحة. أو كان المنتج المغشوش أو المواد المستعملة في غشه مضرة بصحة الإنسان أو الحيوان.
إذا ارتكبت أي من المخالفات المنصوص عليها في المواد (الثالثة) و(السابعة) و(التاسعة) من هذا النظام.
وكذلك عالج المنظم السعودي مكافحة الجريمة الاحتيالية الإلكترونية في مكافحة جرائم المعلوماتية
المادة الرابعة
يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية الآتية:

الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند، وذلك عن طريق الاحتيال، أو اتخاذ “اسم كاذب”، أو انتحال صفة غير صحيحة .
الوصول – دون مسوغ نظامي صحيح – إلى بيانات بنكية، أو ائتمانية، أو بيانات متعلقة بملكية أوراق مالية للحصول على بيانات، أو معلومات، أو أموال، أو ما تتيحه من خدمات.
وقد أحكم المنظم قبضته النظامية حيال صور الجرائم وأحكام الجزاءات العقابية عليها وبل المشرع السعودي عد جرائم الاحتيال المالي من القضايا الكبرى الموجبة للإيقاف وذلك بناءً على القرار ١ وتاريخ ١٤٤٢/١/١هجرية.
ولكن للآن لم تسنَّ قواعد تدابيرية وقائية أولية تمنع وقوع الاحتيال وتعرقله أو تتنبأ بقرب حدوثه سواء بالأدوات الإجرائية أو استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي ونحوه أو تشريع وسائل بديلة للاستثمار الأمن اليسير بعيدًا عن صناع الاحتيال وبائعي الوهم عدمي الإنسانية والضمير الحي.
وإن بعض الدول المتقدمة تطارد المحتال وتضيق عليه بكافة الجهات حتى يرضخ وينصاع لقوة القانون كبعث رسالة تحذيرية على قنوات تواصله ليحذر العامة من التعامل معه و التشهير به عبر الإعلام والصحف، ووضع اسمه على القائمة السوداء للمنع من التعامل المالي عبر وزارة التجارة ووزارة العدل وهيئة الاتصالات وهيئة سوق المال والصحف ونحوها؛ حتى يمكن العامة من الاطلاع عليها، والحذر من التعامل معهم ويضيق الخناق على من تسول له نفسه من تكوين التشكيل العصابي للاحتيال على أموال الناس بدون رادع ولا وازع والله من وراء القصد.

• محامي ومستشار قانوني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com