أصبح من الواضح أن المؤسسات الإعلامية الأكثر نجاحًا، التي استطاعت اختراق السوق العالمية والسيطرة عليه، هي تلك التي تعمل ضمن منظومة استثمارات إعلامية وترفيهية متنوعة تُعرف بالتكتلات الإعلامية. حاليًا، يُسيطر حوالي 90٪ من الإعلام الأمريكي على يد ست شركات عملاقة متعددة الجنسيات، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 430 مليار دولار. من أبرز هذه التكتلات شركة والت ديزني، التي تعتبر واحدة من أكبر التكتلات الإعلامية والترفيهية في العالم. “ديزني” لا تقتصر على إنتاج الأفلام والرسوم المتحركة فقط، بل تمتلك أيضًا قنوات تلفزيونية مثل:
ABC و ESPN؛ بالإضافة إلى استوديوهات إنتاج وشبكات إعلامية متعددة. توسعت “ديزني” من خلال الاستحواذ على شركات كبيرة مثل: بيكسار ومارفل، مما عزّز من قوتها وسيطرتها على السوق الإعلامي العالمي.
هذه التكتلات استطاعت بفضل قوتها وتأثيرها أن تحظى بالحصة الأكبر من السوق الإعلامي، مما ساعدها في التصدي للتحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية في العصر الحالي.
في المملكة العربية السعودية، تواجه المؤسسات الإعلامية تحديات كبيرة ناتجة عن التحولات السريعة التي يشهدها المشهد الإعلامي، من بينها تصاعد دور صحافة المواطن ومنصات التواصل الاجتماعي، وتراجع اهتمام الجمهور بالمنصات الإعلامية التقليدية؛ إضافة إلى انخفاض الإيرادات الإعلانية. هذه العوامل تضع العديد من المؤسسات أمام خيارين صعبين: إما التكيُّف والابتكار، أو مواجهة مخاطر الإغلاق والإفلاس.
في ظل هذه التحديات، يبدو أن المؤسسات الإعلامية الأكثر قدرة على التكيُّف هي تلك التي تتمتع بدعم حكومي أو التي تُشكل جزءًا من تكتلات إعلامية كبيرة. في هذا السياق، تبرز مجموعتان رئيسيتان كأقطاب للإعلام السعودي: مجموعة MBC، التي تُعد رائدةً في إنتاج وتوزيع المحتوى المرئي، والمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، التي تقود سوق المحتوى المقروء.
نجحت مجموعة MBC في بناء قاعدة جماهيرية واسعة عبر الوطن العربي من خلال شبكتها المتنوعة من القنوات التلفزيونية والإذاعية. قامت المجموعة بتوسيع نطاقها من خلال إطلاق قنوات محلية للدول مثل MBC مصر وMBC العراق، بالإضافة إلى تدشين أول منصة عربية متخصصة في المحتوى المرئي “شاهد”، مما عزز من مكانتها كقوة إعلامية مؤثرة في المنطقة. إلى جانب ذلك، استثمرت المجموعة في إنشاء أكاديميات واستوديوهات لدعم إنتاج المحتوى العربي، وتأسيس شركات إنتاج وتوزيع لضمان استمرارية النمو والتطور.
من جهة أخرى، تُعد المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام من أهم التكتلات الإعلامية في المملكة؛ حيث تُقدر قيمتها السوقية بحوالي 12 مليار ريال. تضم المجموعة أكثر من 30 منصة إعلامية وشركات متخصصة في الإعلان والتسويق، والأبحاث والنشر والتوزيع. وعلى الرغم من تركيزها الأساسي على المحتوى المقروء، فقد بدأت المجموعة في التوسع نحو مجالات أخرى مثل: المحتوى التلفزيوني من خلال قنوات “الشرق” والمحتوى الإذاعي عبر استحواذها على إذاعة وبودكاست “ثمانية”. هذا التوسع يعكس قدرة المجموعة على التكيف مع المتغيرات في سوق الإعلام العالمي.
مع استمرار التحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية التقليدية، يتوجب على المؤسسات الإعلامية الصغيرة والمتوسطة في السعودية البحث عن سبل للانضمام إلى تكتلات إعلامية أكبر أو تشكيل تحالفات إستراتيجية لتعزيز قدرتها على المنافسة والبقاء في السوق. وفي هذا الإطار، يُعد دعم المؤسسات الإعلامية الكبيرة مثل: MBC وروتانا والمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام للمؤسسات الأصغر خطوة ضرورية لتوسيع نطاق التأثير الإعلامي، وتعزيز قوة الإعلام السعودي داخليًا وخارجيًا.
ختامًا، تُمثل التكتلات الإعلامية فرصة ليس فقط للبقاء في مواجهة التحديات الراهنة، بل أيضًا لتعزيز دور الإعلام كأداة إستراتيجية في دعم التنمية الوطنية.
– أكاديمي ومستشار إعلامي
فعلا يادكتور .. الطريق هو التكيف والابتكار .
وأرى أن من الأهمية بمكان تبنِّي استراتيجيات وآليات تحفز الجهات الاعلامية الكبيرة على تبني المنتج الاعلامي المبتكر والمميز للأفراد ، تماما مثل الدور الذي تقوم به هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة في تحفيز الاستثمار الجريء في ريادة الأعمال.
كأننا نحفز ريادة الأعمال ” الإعلامية”.
مقال رائع وتحليل سديد ،شكرا لك.
مقال جميل ورائع دكتور فؤاد ويشخص حالة اعلامنا واحتياجه للتكتلات فعلاً هي طريق النجاحرفي مواجهة هذا الند
سلمت أناملك دكتور ، أنا كمالك شركة إنتاج وتسويق إلكتروني صغيره أواجه الكثير من التحديات للبقاء في السوق ولكن الدولة مشكورة في الفترة الأخيرة أطلقت الكثير من البرامج التحفيزية للقطاع الثقافي وتستهدف المنشآت الصغيرة مثل الصندوق الثقافي، أتنمى أن ينالنا بعض الدعم حتى نكمل الطريق.