يحتفل الشعب السعودي في هذا العام باليوم الوطني الـ 94 للمملكة العربية السعودية، وهو مناسبة وطنية عزيزة تجسد التلاحم والوحدة وتذكرنا بالمسيرة المباركة التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – منذ توحيد المملكة في عام 1932. إن هذه المناسبة ليست فرصة للاحتفال بالتاريخ المجيد فحسب، بل هي أيضًا لحظة تأمل في الإنجازات الكبرى التي حققتها المملكة على مر السنين، وخاصة في ظل رؤية 2030 التي تمثل خارطة طريق نحو المستقبل المشرق.
فمنذ تأسيس المملكة، شهدت السعودية تحولات كبيرة في جميع المجالات. وفي السنوات الماضية يمكن القول أن حجم التحول يفوق عقوداً مضت من العمل الدؤوب في التطور والنماء، فقد حققت المملكة تقدمًا ملحوظًا في بناء الاقتصاد وتنويعه، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز التعليم، والابتكار في مجالات الطاقة، والارتقاء بمستوى الحياة الاجتماعية. وبفضل من الله وتحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أصبحت المملكة في طليعة الدول التي تسعى إلى التطور الشامل والمستدام.
ومنذ إعلان رؤية 2030 في عام 2016، بدأت المملكة في تنفيذ خطط طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وتعزيز دور القطاع الخاص، ورفع كفاءة الخدمات الحكومية. ويعد التحول الرقمي، وتنمية القطاع السياحي والقطاع غير الربحي، وتطوير الصناعات، من بين المبادرات الاستراتيجية الأساسية التي تعزز مكانة المملكة على الساحة العالمية.
في قطاع الرعاية الصحية، يشهد النظام الصحي السعودي تحولًا غير مسبوق في ظل رؤية 2030، التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وجعلها أكثر شمولية وفعالية، حيث ركزت المملكة على تطوير نظام صحي متكامل يوفر الرعاية الصحية الشاملة لجميع المواطنين والمقيمين.
أحد أهم الأهداف الأساسية للتحول الصحي هو تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة، بما في ذلك الرعاية الأولية والثانوية والمعقدة. وقد تم تعزيز البنية التحتية الصحية بشكل كبير، من خلال بناء مستشفيات ومراكز طبية متطورة، إلى جانب تطوير برامج تدريبية للكوادر الطبية بما يتماشى مع أحدث المعايير العالمية.
تسعى المملكة من خلال رؤية 2030 إلى تحقيق تغطية صحية شاملة لجميع المواطنين والمقيمين، مع ضمان وصول الجميع إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية. تم وضع نظام التأمين الصحي الوطني الذي يضمن للمواطنين والمقيمين الحصول على الرعاية الصحية بجودة عالية وتكلفة معقولة. بالإضافة إلى ذلك، تناول التحول التركيز على مفهوم الصحة العامة والوقائية على نحو تكاملي غير مسبوق، وتم تحسين نظام الإحالة بين الرعاية الأولية والمستشفيات التخصصية، مما يضمن تقديم الرعاية المناسبة في المكان المناسب والوقت المناسب.
كما شهدت المملكة تقدمًا في تقديم الرعاية الصحية المعقدة، مثل طب وجراحة الأورام، طب وجراحة القلب، وزراعة الأعضاء، حيث أصبحت العديد من المستشفيات السعودية تقدم خدمات طبية متقدمة تضاهي تلك المقدمة في الدول المتقدمة. وقد ساهمت الشراكات مع كبرى المؤسسات الطبية العالمية في تعزيز قدرات المملكة في هذا المجال.
وفي إطار التحول الرقمي الذي تشهده المملكة، تم تطوير العديد من الحلول التقنية في مجال الرعاية الصحية، فهناك العديد من المنصات والتطبيقات الرقمية التي تمكن المستفيدين من حجز المواعيد الطبية واستشارات الأطباء عن بعد والحصول على الوصفات الطبية من خلال جوالاتهم. هذه الابتكارات ساهمت في تحسين تجربة المرضى وتسهيل الوصول إلى الرعاية الصحية وجودة الحياة.
كل ذلك وغيره من مكونات التحول ستؤول بإذن الله إلى نضج النموذج المتكامل للتحول والذي سيتمثل بمنظومات رعاية مسئولة، تقدم الرعاية الكاملة بدون تأخير، وبشكل تكاملي يجعلنا واثقين بحول الله بأن المستقبل يحمل المزيد من التقدم والازدهار، وخاصة في قطاع الرعاية الصحية الذي يشهد تحولًا نوعيًا يضمن جودة حياة أفضل لكل فرد يعيش على أرض هذا الوطن العظيم..