تكمن قِيمة الأوطان في قيّمها التي تُمثل حضارتها وتُشكل ثقافتها وتُميز تراثها، يشكل الوطن قيمة سامية تتمثل في مشاعر وفكر وسُلوك المواطنين؛ وتُهدي الأوطان لمواطنيها تلك القيمة التي تؤكد مكانتهم وتعزز قيمهم وتميز حضارتهم وتحلق بهم إلى القمم التي تؤصل تاريخهم وتصنع حاضرهم وتستشرف مستقبلهم، ويهدي المواطنين أوطانهم الولاء التام والوعي الشامل العميق؛ ذلك الولاء الذي يجعل الوطن أولاً وقبل كل شيء؛ ان عبارة “المواطن أولاً” ليست شعارًا تُردده الأوطان؛ بل واقعًا ملموسًا يعيشه المواطن حقيقة ماثلة في كل ما يقدمه له وطنه أمنًا وأمانًا ورخاءً ورفعةً،
“والوطن أولا”؛ ليست كلمة يُرددها المواطن، بل سلوكًا أصيلاً حاضرًا في جميع ممارساته يُشكل ثقافته ويميز أدائه ويقود مشاعره؛ فبعطاء الوطن ووعي وولاء المواطنين تُصنع المواطنة وتُبنى الأوطان وتتميز الحضارات، والمواطن الذي يتمتع بالمواطنة الحقيقية يهدي وطنه وعيًا يترجمه سلوكًا ملموسًا؛ وعيًا معرفيًا يعمل من خلاله على إذكاء مهارات التفكير العليا القائمة على التحليل والنقد والاستقصاء والتحقق؛ فلا تثيره الإشاعات ولا تجرفه الأفكار الهدامة المغرضة؛ فالمواطن الذي يتمتع بالمواطنة الحقيقية يتمتع بثقافة وطنه؛ فيُدرك من خلالها أهمية التراث وعمق وأثر العادات والتقاليد، وروعة وأصالة اللغة، وضرورة وأهمية العناية بها؛ فثلاثية الثقافة القائمة على اللغة والتراث والعادات والتقاليد تعتبر أساسًا لقياس أعماق ثقافة المجتمعات ومستوى عراقتها،
والموطن الذي يتمتع بالمواطنة الحقيقية يُظهر وعيًا اقتصاديًا يتجلى في إدراكه لضرورة الترشيد، وجدوى الادخار، واهمية الاستثمار، كما أنه يمارس وعيًا اجتماعيًا يتمثل في تفعيل التكاتف والتكامل الاجتماعي والحفاظ على الأمن المجتمعي بجميع أنواعه فكريًا واجتماعيًا واقتصاديًا وصحيًا وعسكريًا وسياسيًا، ويتمثل القيم بجميع أبعادها فتتجلى ماثلة في سلوكه وممارساته، إن أقل ما يقدمه المواطن لوطنه سلوكًا قويمًا يفخر به وطنه، ومظهرًا رصينًا يمثل ثقافته ويعبر عن وعيه ورقيه، وإنتاجًا متفردًا يترجم امتنانه لعناية الوطن وعطاءاته، سيبقى اليوم الوطني السعودي رمزًا لعناية وعطاءات الوطن الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، وعنوانًا لولاء ووعي المواطن المتفرد بوعيه المتألق بوفائه لوطنه وقيادته وشعبه.
دمت يا موطني قبلة الأوطان، وطنًا لا يعرف المُستحيل، آفاقه المعالي وموطنه القمم.
0