أخي الكريم، سلام الله عليك ورحمته وبركاته،
كم ساءني نبأ قرب مغادرتكم مملكة الخير والعطاء والشموخ، المملكة العربية السعودية، التي زرعت فيها على مدار عشر سنوات أشجارًا من المحبة والإخوة والصداقة مع الشعب السعودي النبيل وقيادته الرشيدة. مددت فيها جسورًا من التواصل الجميل مع الجالية الفلسطينية، التي أحبت فيك روح التواضع والتسامح والخلق الرفيع. وأشهد أنك كنت فلسطينيًا في كل ذرة من كيانك، وإنك كنت محبًا لوطنك، مدافعًا عن قضيتك العادلة، ومتفانيًا في خدمة الجالية الفلسطينية في المملكة. وكنت أمينًا وصادقًا في مشاعرك تجاه هذا البلد الكريم، حيث أحببت السعودية كما أحببت فلسطين، وأحببت مكة المكرمة كما أحببت القدس الشريف.
وقفت بكل ما تملك من أدلة وبراهين في إثبات الدعم السخي الذي قدمته السعودية لفلسطين، قضية وأرضًا وشعبًا، حيث عكست مقالاتك ولقاءاتك وتصريحاتك الصحفية والتلفزيونية مرئياتك وتقديرك للمواقف السعودية الثابتة والمتواصلة المساندة للقضية الفلسطينية، منذ عهد القائد المؤسس والباني العظيم جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل – يرحمه الله – حتى هذا العهد الزاهر الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده المحبوب سمو الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.
اسمح لي، يا أخي الحبيب، أن أدلي بشهادة حق آمل أن يسجلها التاريخ، بأنك خير من خدم العلاقات السعودية – الفلسطينية من خلال عملك كسفير لدولة فلسطين في المملكة العربية السعودية. لقد وثقت مواقف المملكة إزاء القضية الفلسطينية عبر أكثر من مائة عام، وألقيت الضوء على تلك المواقف كقارئ واعٍ لتاريخ المملكة وعلاقاتها الدولية. بثقافتك الواسعة ومعلوماتك الراسخة، أوضحت بجلاء أنه لا يوجد بلد عربي أو غير عربي قدم دعمًا للقضية الفلسطينية كما قدمته السعودية. أعتقد أن الفراغ الذي ستتركه يصعب ملؤه، وهو ما سيجعلنا نشعر بوحشة لمغادرتك بلدك الثاني إلى رام الله، لتلتحق بركب النضال الفلسطيني عن قرب، ولتعيش وتتعايش وتتفاعل مع الحدث الفلسطيني بكل تفاصيله.
وأفهم، وأتفهم سعادة السفير، معنى نداء الوطن. ففلسطين تناديكم، وأعتقد أنك اشتقت إليها، لكنك ستشتاق إلى السعودية التي أحببتها وأحبتك كثيرًا.
ستغادرنا أيها الصديق الوقور، وتترك وراءك ذكرى عزيزة وسيرة عطرة وذكريات لا تُنسى. ونعاهدك أن نواصل المسيرة على نفس النهج الذي حرصت على ألا نحيد عنه: محبة الوطن والإخلاص للسعودية. وداعًا أيها الفارس النبيل، عندما تترجل عن فرسك العربي الأصيل، وترسم حلمًا لتحرير فلسطين.