المقالات

مقبول وصحن الفول

كان من الممكن أن أعنون المقال بأكثر من عنوان. ولكن وجدت أن طبق الفول سيكون العنوان الذي يفتح شهية القارئ . فطبق الفول هو الذي يتصدر مائدة أغني الناس وأبسطهم مقدرة مالية. فمائدة الأغنيا تعج بما لذ وطاب من صحن السلطة حتي الكباب. ولكن حتي الكباب ما يسلب الألباب فإذا حضر الفول هو الذي يؤكل واذا حصل وغاب فعنه يُسْأل.

قصة مقبول موجودة في فديو علي منصات التداول تتناول عدة عناصر. وأهمها أن الحكم علي ظواهر الأمور والتسرع بالقطع بالرأي قد تسبب نتائج قد ترقي الي كارثية أحياناً.. والقصة أن هناك رجل من ضمن مجموعة أصدقاء يتناوبون مهمة إحضار طعام الإفطار كل يوم. ويقول أردت أن أحضر لأصدقائي فطوراً متعدد الإصناف لكن الوقت لم يسعفني ومضي سريعاً. ورأيت أن طبق الفول من الفوال الذي حولنا قد يفي بالغرض. ووجدت أن هناك طابوراً طويلاً عليَّ جرة الفول ولكن قلت سيمضي مع الوقت وأفضل من أذهب الي أماكن بعيدة. وقفت في الطابور الذي يتحرك علي هون. وفجأة وجدت انسانًا يبدو من ملامحه أنه هندي الجنسية ذهب مباشرًة إلي عامل الصندوق وتحدث معه دون أن يقف في السراء. وعامل الصندوق من شكل حركات يده وتعابير وجهه يبدي ممانعة، فأخذتني العزة بالإثم كيف يترك الصف وكلنا محترمين النظام إلا هو!، فصرخت فيه وقلت له ماهذا؟. أليس عندك إحترام للنظام وللناس اللذين ينتظرون؟، ناظرني بإستغراب ثم ذهب ولم ينبس ببنت شفة، فزاد حنقي عليه، وعندما وصلت للكاشير قلت له وأنا مزهواً بما فعلت من تأنيب الذي خالف النظام: “أكيد أزعجك هذا الرجل يريدك أن تخالف النظام”، قال: أبداً هو يقول ما أملك إلا ثلاثة ريالات وطبق الفول بسبعة ريال، لو حتي تعطيني بها شوية فول بارد”، ولو وافقته فإن الكثير سيعملون مثله. نزل عليً ذلك الكلام كصاعقة ماهذا التسرع ؟ وخجلت من نفسي جداً ، فوصلت الفول لربعي. وبديت أسأل عن العامل، وكان هناك جماعة من نفس الجنسية سألتهم عنه فقالوا إن إسمه مقبول ويأتي مع سيارة شركة ألنظافة كل حوالي عشرة أيام. فصرت أذهب كل يوم وأتحري عنه. وفي أحد الأيام ظفرت به. فذهبت إليه وتسامحت منه وطيبت خاطره ورافقته إلي راعي الفول وقلت له “كل ما جاء مقبول أعطه صحن الفول ولا تأخذ منه ولا هللة وأنا سأحاسبك كل فترة”. وصرت أمر بين حين وآخر وأسدد للفوال المبلغ المتحقق إلي أن مرة قال لي الكاشير أن مقبول لم يعد يأتِ فسألت عنه الموجودين من ربعه فقالوا “مقبول دهسته سيارة ومات”. فحزنت عليه حزنًا شديدًا وخاصة بعد ما عرفت أنه كان يتيمًا وأتي ليعمل في جمع القمامة ليصرف علي أخواته هناك، وجمعت مني ومن زملائي مبلغًا طيبًا أرسلناه لأهله. ومن يومها تعلمت أن أتأني في أحكامي.
وفي موقف آخر أذكر أن صديقًا لي حكي لي موقفًا يقول: ذهبت حيث عزمني صديق علي مأدبة عشاء، حضرت سلمت على الحضور ووقفوا لي تقديرًاما عدا شخص منهم لم يقف وبالكاد مد يده عند المصافحة،وكان يلبس لباسًا طيبًا ويضع نظارة سوداء علي عينيه ورائحة الطيب الفخم تفوح من ملابسه، فشعرت بضيق وغبن، وبعد ما جلست قلت للذي في جواري من هذا الأخ الذي شايف حاله ولا كأنه ابو زيد لا يحترم الناس ولا يعبرهم . قال لا يا رجل أنت فهمت خطأ. هذا الرجل أعمي وعنده إشكال صحي فلا يستطيع القيام إلا بالمساعدة من أحدهم. يقول صديقي تألمت جدًا وتمنيت أن لم أفتح فمي بكلمة من الخجل والندم.
لا تحكموا علي البشر من ظاهر الحال. فظروف وأحوال الناس فيها ما يقال ومالا يقال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى