تحت شعار “الرياض تقرأ”، أُختتمت في الخامس من أكتوبر الجاري فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب لعام 2024م، من تنظيم هيئة الأدب والنشر والترجمة بوزارة الثقافة في حرم جامعة الملك سعود، والذي انطلقت فعالياته يوم 26 سبتمبر المنقضي
ويُعد المعرض تظاهرة ثقافية وفكرية سنوية بارزة في المنطقة تجسّد منذ عقود الإرث الثقافي للمملكة، وترسخ ريادتها في صناعة الثقافة وتصدير المعرفة، فضلاً عن كونه منصًة رئيسًة للناشرين وللتبادل الفكري والثقافي، وملتقى للأدباء والمفكرين وصنّاع الثقافة والمعرفة وعشاق الكتاب من دخل المملكة وخارجها.
ويأتي تنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب وفق إستراتيجية متكاملة تترجم رؤية وتوجيهات وحرص قيادة المملكة الرشيدة – أيدها الله- على تعزيز الريادة الثقافية للمملكة عربيًا وعالميًا، وتحويل الثقافة لأحد أهم ممكنات النهوض بالوعي المعرفي والثقافي للمجتمع، ودعم اقتصاد الصناعات الإبداعية والفكرية، وأيضاً لتمكين صناعة النشر وتزايد حركة التأليف والترجمة السعودية، بما يسهم في الارتقاء بجودة الحياة، ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي الوطني لتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من “رؤية المملكة 2030”.
كما يُعد المعرض واحداً من أكبر المعارض العربية والعالمية، إذ شارك فيه أكثر من 2000 دار نشر، من أكثر من 30 دولة، موزعة على أكثر من 800 جناح، إضافةً إلى مشاركة هيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية ودولية.
وحلّت دولة قطر كضيف شرف للمعرض هذا العام، لتقدم لزواره تجربة ثقافية مميزة تعكس منجزاتها الأدبية والفكرية، وموروثها الثقافي الأصيل وتاريخها وفنونها المتنوعة، وذلك من خلال جناح استعرض مخطوطات وإصدارات وزارة الثقافة القطرية، بمشاركة رموز الثقافة القطرية والمواهب والمبدعين القطريين، ضمن برنامج ثقافي منوع وثري، علماً بأن اختيار دولة قطر ضيف شرف للمعرض، يعكس الدور الثقافي والفكري الرائد لقطر في مشهد الثقافة الخليجي والعربي، وعمق الروابط الثقافية والتاريخية الوطيدة التي تربطها بالمملكة العربية السعودية.
وقد شهد المعرض هذا العام عدداً من المستجدات التي تعكس مكانة المعرض وتطور أدواته بصورة مستمرة، ومن بين هذه المستجدات: استحداث منطقة أعمال متخصصة بمشاركة الوكالات الأدبية التي تدير أعمال المؤلفين وعقودهم، والمطابع المحلية التي تشارك للمرة الأولى في معارض الكتب المحلية لتقدم خدماتها للناشرين، كما شهد المعرض هذا العام عودة مبادرة “الرياض تقرأ الفرنسية”، التي انطلقت في النسخة الماضية (2023م)، وجمعت عددًا من الناشرين الفرنسيين المتخصصين في مجالات متنوعة، وحققت تفاعلًا واسعًا إقبالاً كبيرًا من مختلف زوار المعرض.
ومن ناحية أخرى، قام المعرض بعمل ممر تكريمي لفقيد الثقافة السعودية والعربية وأيقونة الشعر الحديث الراحل.. الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن – رحمه الله -، لتكريم منجزه الأدبي والثقافي الخالد وإرثه الشعري الواسع، وتسليط الضوء على مسيرته الحافلة بالإنجازات وبصماته الملموسة في المشهد الثقافي السعودي والعربي.
إلى ذلك، كان زوار المعرض على موعد مع تجربة معرفية وثقافية مميزة ومتنوعة ضمن برنامج ثقافي ثري بالفعاليات والأنشطة التي تجاوزت 200 فعالية تناسب جميع الأعمار، وشملت العديد من الندوات والجلسات الحوارية، والمحاضرات والأمسيات الشعرية، والعروض الفنية والمسرحية، وورش العمل التي ناقشت موضوعات مختلفة في شتى المجالات، وذلك بمشاركة نخبة من الأدباء والمفكرين والمثقفين من السعودية والمنطقة والعالم.
كذلك، خصص المعرض فعاليات ثقافية وترفيهية متنوعة للأطفال في منطقة الطفل، وركن خاص لعرض أعمال المؤلفين السعوديين، ومنصات لتوقيع الكتب التي أتناحت للجمهور لقاء مؤلفيهم المفضلين لتوقيع أحدث إصداراتهم.
يذكر أنه تم تخصيص خمس مناطق للقراءة وزعت في أرجاء المعرض مثّلت ملاذًا لمحبي الكتب، حيث وفرت لهم رحلة بين سطور المعرفة، إذ استهدفت هذه المناطق الخمس ترسيخ القراءة بصفتها ركيزة أساسية في حياة الأفراد، وتعزيز دورها في بناء مجتمع متعلم ومثقف قادر على مواكبة التطورات المعرفية العالمية، علماً بأنه قد صممت كل منطقة بأسلوب يعكس الانسجام الثقافي ومدى عمقه، مع تهيئة المساحات لتناسب مختلف الأعمار والفئات، حيث منحت هذه المناطق الزوار فرصة الاستمتاع بأجواء هادئة وسط الزخم الثقافي المتنوع.
– رئيس تحرير مجلة “مملكة الاقتصاد والأعمال”