همس الحقيقة
من السهل جدًا أن تكتب ما تشاء في مدح أي مسؤول وتثني عليه بناءً على قيمة العمل المتميز الذي يقدمه، أو من خلال إعجاب بشخصيته، أو حتى مجاملةً رغبةً في كسب محبته وبناء علاقة تربطك به. لكن جمال وروعة هذا المدح يصل إلى أرقى صوره وأفضل عباراته عندما يجمعك لقاء مع هذا المسؤول الفخم، وتغوص في أعماق شخصيته، لتتعرف على نمط تفكيره وقدرته على الاستماع والحوار بفكر يملك جوارحك في حديث شيق. حينها تكتشف حجم غزارة المعلومات التي يمتلكها، ورؤية حضارية في أسلوب التعامل مع الظروف المحيطة عبر فريق عمل اختير بعناية ويعمل تحت قيادته، وكذلك في كيفية اتخاذ القرارات.
بعد مشاهدتي واستمتاعي لحوار أُجري مع وزير الرياضة الأمير المحبوب عبدالعزيز بن تركي عبر منصة “الثامنة”، تمنيت حينها أن تتاح لي فرصة اللقاء مع وزير قليل الكلام ونادرًا ما يتحدث لوسائل الإعلام، وكنت أود أن أطرح عليه أسئلة تدور في فلك كرة القدم، الأندية، والدوري السعودي. ومع قناعتي بأن مسؤولياته أكبر من تركيزه على رياضة واحدة من بين مئات الرياضات التي يتابعها ويهتم بها.
شاءت الأقدار أن تتحقق أمنيتي، وجمعني لقاء مع “أبو تركي” على وجبة عشاء في مناسبة خاصة غالية على قلبي، حيث كنت من ضمن المعازيم . حيث تشرفت بالجلوس معه على طاولة واحدة، ووجدتها فرصة ثمينة لطرح استفساراتي. لم أكن أبحث عن سبق صحفي بقدر ما كنت أرغب في الغوص في أعماق هذه الشخصية الفذة لمعرفة مدى قربه ونظرته لما يجري في عالم كرة القدم وجنون المهتمين بها؛ الأندية، المنتخبات، الإعلام، والجمهور.
ذلك ان الانطباع العام عن سموه أنه “مريح دماغه”، ولعل ذلك يعود إلى استفادته ممن سبقوه، فوضع لنفسه خطاً فاصلاً يحميه من الدخول في مواجهات مباشرة مع الإعلام والجمهور.
هذا ما استشفيته من إجابات كانت بالنسبة لي مفاجأة؛ فقد لاحظت أن سموه ملم وعلى دراية بأدق التفاصيل المتعلقة باتحاد الكرة ولجانه، وما يحدث في الأندية، وما يُثار من قضايا. بعضها يرى أنه صحيح في شكلها العام، بينما تفتقر إلى المصداقية في مضمونه. وعزا السبب إلى سياسة إعلامية خاطئة يجب إعادة النظر فيها، متفقاً معي أن هذه السياسة ساهمت في إثارة كثير من الجدل والبلبلة وكان لها تأثير سلبي عبر نشر تسريبات لا أساس لها من الصحة تحت بند “مصادرنا الخاصة”. هذه الأمور أوجدت ثغرة تسببت في خلق فجوة واضحة بين الإعلام واتحاد الكرة ولجانه وإدارات الأندية. وأكد سموه أنه سيعمل على سد هذه الفجوة ووضع حدٍّ لعدم اتساعها.
لم تمنعني وجبة العشاء من مقاطعة أميرنا المحبوب لمعرفة رأيه حول أداء منتخبنا الوطني ونتائجه غير المرضية. فقال إن النظرة العامة تتركز على المدرب، بينما المشكلة أكبر من ذلك؛ إذ إن كرة القدم السعودية تعاني من مشكلات متعلقة بالأندية واللاعبين. وأضاف أن هناك دراسات لخطط مستقبلية قصيرة وطويلة الأجل لمعالجة هذه المشكلات، وقد بدأنا العمل على تنفيذها، وستحتاج إلى وقت حتى نرى نتائجها.نفس الشيء ينطبق أيضًا على الألعاب الأخرى فقد تم تطبيق استراتيجيات ضمن مشروع “أولمبياد السعودية”، ولن نبخل في دعمها كما هو الحال مع كرة القدم.
مساحة هذا المقال لا تسمح لي بنشر الحوار “العفوي” كاملاً الذي دار بيني وبين الأمير المتواضع. كما أن تفاصيل هذا الحوار في مجملها “غير قابلة للنشر” من منظور أن للمجالس أمانتهاوخصوصيتها.