الإعلام المصري جزء لا يتجزأ من ذاكرة الوطن العربي وتاريخ الأمة، في صفحاته رموز وأسماء بذلت جهدًا مشكورًا، وعطاءً بلا حدود، ومن هذه الرموز الإعلامي القدير حسن حامد.
اليوم، نحاول أن نتعرف عن قرب على هذا الرمز الذي بدأ مشواره الإعلامي في الإذاعة المصرية، قبل أن يسافر إلى اليابان، ومنها يعود مجددًا إلى بلده، ليتولى رئاسة المشروع الإعلامي الأضخم في مصر – وقتئذ – وهو قناة النيل للمعلومات، التي سرعان ما تحولت لتصبح قناة النيل للأخبار.
ثم تولى بعد ذلك رئاسة قطاع قنوات النيل المتخصصة، قبل أن يصبح رئيسًا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، ثم رئيسًا لمدينة الإنتاج الإعلامي ليختتم حياته المهنية الممتدة بعد رحلة من الجهد والتميز.
إنه الإعلامي الكبير حسن حامد.
حسن حامد طفل خجول، غادر محافظة أسوان، وعمره أربعة أعوام، تحديدًا في العام ألف وتسعمائة وستة وأربعين، وصل إلى القاهرة وهو يحمل بداخله الإحساس بالانتماء إلى بلده، وكان أول الراغبين في التطوع بالجيش، وعمره أربعة عشر عامًا، لكن قوبل طلبه من الجيش بالرفض لصغر سنه، ومع حبه للغة الإنجليزية، كان قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب هو اختياره، ومنه إلى العمل في الإذاعة المصرية في العام ألف وتسعمائة وخمسة وستين.
مرت سنوات قليلة قبل أن يتجه الإعلامي حسن حامد إلى اليابان، ليعمل مذيعًا في الراديو الحكومي الياباني، ثم عمل كمراسل في إذاعة صوت أمريكا في بيروت، لينتقل بعد ذلك للعمل بإذاعة في الولايات المتحدة الأمريكية، ليختتم هذه المسيرة الدولية الحافلة بالعطاء والإنجازات بالعودة إلى اليابان من جديد كمستشار إعلامي للسفارة المصرية بطوكيو.
وعاد الإعلامي الكبير حسن حامد إلى وطنه يحمل معه خبرات إعلامية دولية، فضلا عن أفكار طموحة للتجديد والتطوير، وكانت البداية في العام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين، حين جرى تكليفه بتأسيس قناة النيل للمعلومات ثم أسس قناة النيل للأخبار، وجاء اختياره لاسم “النيل” دليلًا على وعيه بقضايا وطنه وحبه وانتمائه لمصر.
كان الإعلامي القدير حسن حامد متمكنًا من أدواته، ومنذ اليوم الأول استطاع أن يختار الشباب الذين يعملون معه، أعدَّ لهم دورات تدريبية في الإذاعة البريطانية. كان مؤمنًا بأن النقاش والحوار والثقة في الشباب يؤهلهم للعمل الإعلامي المتميز، ليستطيعوا إثبات وجودهم على الساحة.
كان حسن حامد إعلاميًا يحظى بحب واحترام وتقدير كل من يعمل معه، نظرا لتمكنه وتميزه على المستوى المهني، إلى جانب تواضعه الشديد، ولم يبخل على أي شخص بخبراته ونصائحه.
في العام ألف وتسعمائة وثمانية وتسعين، أصبح حسن حامد أول رئيس لقطاع القنوات المتخصصة، التي كانت بمثابة طفرة للجمهور المصري، ولكل العاملين في الإعلام.
وفي مطلع الألفية الجديدة، تحديدًا في العام ألفين وواحد، تولى رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ثم في عام ألفين واثني عشر، تولى منصب رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي.
سنوات طويلة قضاها حسن حامد في الإعلام المصري والدولي، جعلته يكتسب خبرات واسعة، خبرات متميزة أهلته لمواصلة مسيرته الإعلامية بقوة ومصداقية وإبداعات، سبّاقًا بأفكاره المتطورة، وبخطوات مدروسة.
ولم ينكر حسن حامد وسائل التواصل الاجتماعي وقوتها، مستعينًا بشعر شوقي قائلا: “لكل زمان مضى آية وآية هذا الزمان الإنترنت”، مؤكدًا أنه رغم دورها الكبير، لكن يعيبها في كثير من الأحيان عدم الدقة والمصداقية، خصوصًا بوجود السلاح الإعلامي في يد العوام، الذين يجهلون مبادىء المهنة وأخلاقياتها.
الإعلامي القدير حسن حامد، الأب الروحي لكثير من الإعلاميين الذين تأثروا به، وأثر فيهم، لصدقه مع نفسه وحبه لوطنه واحترامه لمهنته.