أبرز الأخباراقتصادتحقيقات وتقارير

التحول إلى الدعم النقدي ومنظومة العدالة الاجتماعية في مصر

تقرير ـ محمد بربر

في زمنٍ أصبح فيه تحقيق العدالة الاجتماعية أولوية ملحّة، تبرز قضية الدعم النقدي كحلّ يُمكن أن يُحدِث تحولاً جذرياً في تحقيق تكافؤ الفرص وتوزيع الثروات في مصر.

التحول إلى الدعم النقدي: مفهوم ومبررات

الدعم النقدي يعني تقديم مبالغ مالية مباشرة للأسر المحتاجة، بدلاً من تقديم السلع المدعمة بأسعار أقل.

ويُعتبر هذا التحوّل خطوة نحو إدارة الموارد بطريقة أكثر فعالية واستدامة، حيث يُمكّن الحكومة من توجيه الدعم للأكثر احتياجاً، وتجنّب التسرب المالي الذي عادةً ما يُرافق نظم الدعم السلعي.

تقرير البنك الدولي حول فعالية التحوّل إلى الدعم النقدي أشار إلى أن الدعم السلعي يعاني من التسرب والفقدان، وأن جزءاً كبيراً من تلك السلع يصل إلى الفئات غير المستحقة . وعليه، فإن التحول إلى الدعم النقدي يهدف إلى تجنّب تلك المشاكل، وتحقيق توزيع أكثر إنصافاً للموارد.

تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال الدعم النقدي

1. استهداف الأسر الأكثر احتياجاً: يمكن للنظام النقدي أن يتسم بالدقة في توزيع المساعدات، حيث يتم تحديد الأسر المحتاجة بناءً على معايير مُحددة مثل الدخل، وعدد الأفراد، والحالة الصحية والتعليمية للأسرة.

دراسة أجرتها مؤسسة كارنيجي أظهرت أن هذه الطريقة تساهم في تقليص الفجوة بين الفئات الاجتماعية في مصر وتقديم الدعم للأكثر فقراً بشكل أكثر فعالية .

2. تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد: النظام النقدي يسهم في تقليل حلقات الوساطة التي غالباً ما تكون مصدراً للفساد. عن طريق توزيع الدعم مباشرة عبر حسابات مصرفية أو عبر بطاقات مسبقة الدفع، يُصبح بالإمكان تتبع حركة الأموال والتأكد من وصولها إلى المستحقين مباشرةً.

تقرير من مركز الشفافية الدولي أشار إلى أن الدعم النقدي يُعد من أكثر الأدوات فعالية في الحد من الفساد في توزيع الموارد .

3. مرونة استخدام الأموال بما يتناسب مع احتياجات الأسر: من أهم نقاط قوة الدعم النقدي أنه يمنح الأسر حرية استخدام المبلغ وفق احتياجاتها الخاصة، سواء لشراء الغذاء أو التعليم أو العلاج.

تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO) أكد أن هذه الحرية تساعد على تحسين مستويات التغذية والصحة والتعليم للأسر الفقيرة، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم ويعزز العدالة الاجتماعية .

4. تحقيق استدامة اقتصادية: نظام الدعم النقدي يوفر على الحكومة التكاليف المرتبطة بتخزين وتوزيع السلع، مما يسمح بتوجيه المزيد من الموارد نحو تحسين جودة الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم.

دراسة نشرها البنك الدولي عام 2022 أشارت إلى أن التحول إلى الدعم النقدي يمكن أن يُوفّر نسبة كبيرة من النفقات العامة، التي يمكن إعادة استثمارها في قطاعات تنموية تدعم العدالة الاجتماعية .

التحديات أمام التحول إلى الدعم النقدي

بالرغم من أن التحوّل إلى الدعم النقدي يحمل آفاقاً واعدة، إلا أنه ليس خالياً من التحديات، ومن أبرز هذه التحديات، التحقق من أهلية المستفيدين وضمان وصول الدعم النقدي للفئات المستهدفة فقط، كما أن التوسع في البنية التحتية التكنولوجية أمر ضروري لضمان فعالية النظام وتجنب انقطاع الدعم، خاصةً في المناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات المصرفية.

في سبيل مواجهة هذه التحديات، يُمكن الاستفادة من تجارب دول نجحت في تطبيق نظم الدعم النقدي، مثل البرازيل من خلال برنامج “بولسا فاميليا” (Bolsa Família) ، الذي أثبت نجاحه في تقليل نسب الفقر من خلال التحويلات النقدية المباشرة، مع وضع شروط على الأسر المستفيدة لضمان استثمار الأموال في التعليم والصحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى