يبدو أن كلمة “كبوش” تلازمت مع قلمي خلال الأسبوعين الماضيين. في المقال السابق كان “كبوش التوت”، واليوم “كبوش الفداء”، ولعلها فرصة لأشرح معنى “كبوش التوت” في الثقافة اللبنانية. ففي الضيعة التي تعتمد عادة على الزراعة، وخاصة الفواكه والخضروات التي تشتهر بها لبنان، يُعتبر التوت من الفواكه المميزة. وبسبب سهولة بيعه، يتم لظمه بحبل بلاستيكي رقيق، تمامًا كما يفعل بائعو الفل، ويُسمى “كبش التوت”.
أما “كبوش او كباش الفداء”،فهم أولئك الوكلاء الذين يُضحّون بأنفسهم من أجل إيران في وقتنا الحالي، وهم كثر ولا حصر لهم. المشكلة أن هذه “الكباش” ترضى أن تجعل رأسها فدوة لعيون إيران وببلاش. هذه الكباش تعلم أنها مجرد وقود لمحرقة تشعلها إيران حيثما وأينما تشاء، ولكن التلذذ بالذل أحيانًا يجعل التخلص منه مستحيلًا. وإن كانت هذه الكباش لا تعلم أنها مجرد “كومبارس” في مسرحية “امسك لي وأقطع لك”، فتلك مصيبة.
تاريخيًا، العلاقة بين إسرائيل وإيران، والتي تمر برعاية أمريكية ودية، تدور حول سياسة تبادل المصالح، وضحية ذلك الشعوب المغلوبة على أمرها والمنيلة عليَّ عينها التي جعلها حظها العاثر تحت سلطة تلك الميليشيات المتبعة لإيران والمغلفة بالجهل المطبق.
أعجب ممن لا يستوعبون الدروس، فالاشتباكات بين إيران وإسرائيل هي أقرب إلى “مداعبات حبية” تهدف إلى ذر الرماد في عيون الشعوب النائمة. من يُقتل ويدمر في هذه الهجمات هم الأبرياء العزل، لا هؤلاء المخططون المتواطئون.
أما هجمات إيران على إسرائيل بالطائرات المسيّرة، التي تُسير ببطء وتصل بعد ساعات وقد كلت وتعبت من المشي، فمعظمها يسقط في مناطق مفتوحة كما خُطط له، بينما بعضها يصل إلى مواقع مختارة بردًا وسلامًا. وفي المقابل، إسرائيل ترد بردود واهية، مدعية أنها ستكون “دقيقة وصادمة وقاسية”، لكنها ليست كذلك، فكلا الطرفين متفاهمان مع “الأم الحنون” أمريكا، التي تبقى يدها على قلبها خشية إصابة “الحبيب الأول والأخير” بأي أذى.
وهي في نفس الوقت الأسد الضروس والذي لا يبقي ولايذر علي غيرها . والأم الحانية بحكم أنها ماخذة علي خاطرها من حبيبة القلب إيران وما تكلمها وقالت لها يلا تري ما عاد أبغي أطل في وجهك أنا مخصماكي.. وإستعانت بطرف ثالث أوروبي ليبلغها بأماكن الضربات. وحملتها رسالة :تقول لك أمك لا تشيلي هم كلها كام صاروخ ويا دار ما دخلك دمار وأمسحيها ذي المرة في كرفتتي. (بحكم إيران محرمة الكرفتات ). وردت إيران الجميل وصرحت أنها كانت ضربات محدودة (وضرب الحبيب زي أكل الزبيب) . وما دام حزب الله وحماس والحوثي بيتصقعوا بدلاً منها فخير وأهله. وطالما لا يعرفون خلاصهم فالحجر من اسرائيل والدم من رأسهم
الأدهى من ذلك هو ننيجةً التواطؤ الواضح حيث بُدلت قاضية المحكمة الجنائية التي كانت ستصدر حكمًا بالقبض على “نتنياهو”، لتمييع القضية ويتم التلاعب بالقرار.
إن دماء الشعب الفلسطيني، اللبناني، السوري، واليمني كلها معلقة في رقاب من ارتضوا أن يكونوا وكلاء لإيران، والمآسي تتوالى عليهم دون إدراك. فهل آن لهؤلاء الذين ارتضوا التبعية لغير وطنهم أن يعقلوا ويرعوا، وهم يشاهدون بأم أعينهم كيف تبقى إيران سالمة غانمة، بينما هم مجرد “كبوش فداء” لا أكثر.