قبل عشر سنوات، كنت في مكة المكرمة مدعوًا من النادي الثقافي الأدبي لحضور الملتقى الخامس الذي كان عنوانه “الثقافة والإعلام: توافق أم تضاد”، بحضور عدد من الإعلاميين والمثقفين. وكنت في تلك الفترة نائب رئيس النادي الأدبي بالباحة، وأعمل في صحيفة “الشرق الأوسط” بعد فترة من عملي في صحيفة “الندوة”. في إحدى ردهات الفندق الذي استضاف الملتقى، سألني أحد الصحفيين من صحيفة “مكة الإلكترونية”، إحدى أوائل الصحف الإلكترونية في المملكة، عن توقعاتي لهذه الصحيفة الجديدة. فأجبته باختصار: أنني أراهن على نجاح صحيفة “مكة الإلكترونية” في المستقبل، أكثر من لو كانت من الصحيفة الورقية، فقد رأيت فيها آنذاك خطوات ثابتة ومنافسة قوية، وتنبأت بأن تصبح ذات حضور مميز في المناسبات داخل المنطقة الغربية وخاصة مكة، وتواصلت بعدها لتنتشر في جميع المناطق وتصل إلى الخارج، بقيادة الأخ والزميل عبدالله الزهراني، الذي قاد الصحيفة بالأمس ويواصل قيادتها حتى الآن.
وبعد مرور قرابة عقد ونصف على تأسيسها، حققت “مكة الإلكترونية” نجاحًا باهرًا ونموًا متسارعًا، وأصبحت وجهة إعلامية تستقطب كبار كُتّاب الصحف الورقية، منهم رؤساء تحرير، وقادة فكر، وأدباء، وأكاديميون، وإعلاميون. ووصل الأمر إلى أن تستقطب كتّابًا حتى من خارج المملكة، مما يؤكد مكانتها وتطورها وإنتشارها.
من خلال متابعتي للصحيفة، والتي أعتبر نفسي جزءًا منها وأدين لها بالكثير، دار بيني وبين رئيس التحرير عبدالله الزهراني حديثٌ حول هذا التطور. سألته بعض الأسئلة حول مكانة الصحيفة اليوم بالمقارنة مع الصحف الورقية والإلكترونية الأخرى، فأوضح أن الصحيفة أصبحت بفضل الله ثم دعم قرائها ومحبيها تضم مئات الكتّاب، لا عشرات. وذكر لي بعض الأسماء من النخبة، مدنيين وعسكريين، رجالاً ونساءً، مثل رؤساء التحرير السابقين «مثلث عكاظ» الدكتور هاشم عبده هاشم، عبدالله خياط محمد المختار الفال، صالح العمودي، عادل عصام الدين، وحاليًا الدكتورة شريفة العيافي، إلى جانب رؤساء جامعات، وأعضاء شورى، ومديري تعليم، وأكاديميين، ومؤرخين، وإعلاميين. وقد وجد هؤلاء جميعًا في “مكة الإلكترونية” منصة لأقلامهم وإبداعهم، ولا تزال الصحيفة قيد التطوير.
ما يميز صحيفة “مكة الإلكترونية” هو سرعتها في نشر الأخبار على مدار الساعة وموقعها المميز في قلب العالم الإسلامي، مكة المكرمة، مما جعلها مستمرة وناجحة بفضل صمود رئيس التحرير عبدالله الزهراني رغم الصعوبات والتحديات المادية التي لا تخفى على أحد، والتي غالبًا ما يتم تجاوزها بسياسة إدارة الصحيفة. إنها تستحق دعم رجال الأعمال الذين لديهم القدرة المالية، فلو تبنى أحدهم دعم الصحيفة، لكانت الآن واحدة من أهم الواجهات الإعلامية على مستوى العالم العربي والعالمي. فهي تمثل مرجعًا إعلاميًا لكل العرب خارج بلدانهم، خاصة أبناء المملكة من المبتعثين والمواطنين العاملين في السفارات والقنصليات والملاحق الثقافية، حيث تقدم الأخبار والتغطيات فور حدوثها على مدار أربع وعشرين ساعة.
من هذا المنطلق، أود أن أشيد بالجهود الفردية والجماعية لكل من يقف خلف صدور أعداد الصحيفة اليومية، سواء من الأخوات والإخوة في مقرها بمكة أو من المراسلين المتعاونين في الداخل والخارج.
انعطاف قلم:
شاءت الأقدار أن تجمعني مجددًا بالزميل كمال إدريس، زميلي السابق في صحيفة “الشرق الأوسط”، حيث نلتقي اليوم ككتّاب في “مكة الإلكترونية”. يسعدني هذا اللقاء وأشيد بثقافة وإتقان كمال للغة وطرحه الإعلامي، فهو من الصحفيين الذين تخرجوا من صحيفة عريقة تتربع على قمة الصحف الورقية، “الشرق الأوسط”. وأتذكر زميلنا الخلوق الناجح ماجد الكناني الزهراني، الذي كنا نعمل تحت إدارته، وانتقل الآن إلى عمل آخر في العاصمة الرياض.