القاهرة ـ محمد إبراهيم بربر
على مدار ثمانية عقود، كانت “أخبار اليوم” ليست مجرد مؤسسة صحفية، بل منارة معرفية ووطنية لمصر والعالم العربي. تأسست عام 1944 على يد مصطفى وعلي أمين، وسرعان ما أصبحت وجهةً لأبرز الأدباء والصحفيين، ومعقلاً للحرية الصحفية التي تواجه التحديات بروحٍ مثابرة.
منذ انطلاقتها، شكلت المؤسسة جسرًا بين المواطن والمعلومة، وعبرت بقوة عن نبض الشارع المصري، حاملةً مسؤولية نشر الأخبار بموضوعية.
اليوم، تحتفل المؤسسة بمرور ثمانين عامًا على تأسيسها، ونسرد مسيرةً مليئةً بالتطورات، بدءاً من نقطة البداية ووصولاً إلى توسعها الحالي، الذي يضم عددًا من الصحف والمجلات والوكالات الإعلامية.
من الفكرة إلى الصرح
تأسست مؤسسة “أخبار اليوم” بفضل جهود الشقيقين مصطفى وعلي أمين، اللذين أرادا إنشاء صحيفة تكون صوتًا للمصريين وتساهم في رفع الوعي. بدأ الأمر بإصدار صحيفة “أخبار اليوم” الأسبوعية التي لاقت رواجاً سريعاً بفضل محتواها الجريء وأسلوبها السلس والجذاب. كانت المؤسسة تعتمد على فريق من ألمع الصحفيين في ذلك الوقت، الذين أسسوا لنهج صحفي فريد يعتمد على الدقة والجرأة.
محطات بارزة في تاريخ “أخبار اليوم”
بعد النجاح الكبير لـ”أخبار اليوم”، أصدرت المؤسسة جريدة “الأخبار” اليومية في عام 1951، والتي أثبتت جدارتها بسرعة وأصبحت واحدة من أكثر الصحف انتشاراً في مصر. كما تبعتها إصدارات أخرى مثل “آخر ساعة” و”أخبار الأدب” و”أخبار الحوادث” و”أخبار الرياضة”، لتشمل جوانب متنوعة من اهتمامات القراء.
وأسهمت “أخبار اليوم” في تعزيز التوعية المجتمعية عبر مشاريع مثل “كتاب اليوم”، الذي يقدم كتبًا ثقافية بأسعار زهيدة، مما ساهم في نشر الوعي الثقافي بين المصريين. كما أسست “أكاديمية أخبار اليوم” التي أصبحت من أبرز المعاهد الإعلامية في مصر، حيث خرّجت أجيالًا من الصحفيين المتميزين.
ومثل غيرها من المؤسسات الإعلامية، واجهت “أخبار اليوم” تحديات سياسية واقتصادية، إلا أنها تمكنت من الصمود والحفاظ على مصداقيتها واستقلالها.
الإنجازات والإرث الصحفي
طوال تاريخها، ضمّت “أخبار اليوم” نخبة من كبار الأدباء والمفكرين، مثل محمد التابعي، وتوفيق الحكيم، ومحمد حسنين هيكل. كما لعبت المؤسسة دورًا رائدًا في الصحافة الساخرة من خلال أعمدة مثل “نصف كلمة” للكاتب الساخر أحمد رجب ورسومات الكاريكاتير لمصطفى حسين. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت المؤسسة مطابع ضخمة وصارت من أكبر دور الطباعة في الشرق الأوسط، مما عزز من قدرتها على التوزيع والنشر الواسع.
في السنوات الأخيرة، قامت المؤسسة بتطوير نفسها لمواكبة العصر الرقمي، عبر إطلاق منصات إلكترونية، وتعزيز حضورها على وسائل التواصل الاجتماعي، ونقل خبراتها عبر مركز “أخبار اليوم للتدريب” الذي يوفر برامج متقدمة للصحفيين الشباب. كما تستمر “أخبار اليوم” تحت إشراف الهيئة الوطنية للصحافة، مع إدارة جديدة بقيادة إسلام عفيفي كرئيس لمجلس الإدارة، وأسامة السعيد كرئيس للتحرير، لضمان أن تبقى المؤسسة على قدر تطلعات قرائها وتواصل دورها كمصدر موثوق للمعلومات.