الرياضيةالمقالات

المنتخب السعودي بالتوأمة بين الواقع والمأمول

✍️جمعان البشيري

مع كل بطولة يخوضها منتخبنا الوطني، تتجدد أحلام الجماهير وطموحاتها برؤية منتخب قوي يمثل المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية. لكن الواقع يكشف عن تحديات حقيقية تواجه الكرة السعودية، أبرزها غياب التخطيط المنهجي الذي يبدأ من اكتشاف المواهب في سن مبكرة وصقلها بشكل احترافي. لذلك، تبدو الحاجة ملحة إلى خطوات عملية تردم الفجوة بين الواقع والمأمول، عبر العمل على بناء منظومة رياضية متكاملة تبدأ من المدارس وتمتد إلى الأندية والمنتخب.

إن ما يمر به المنتخب السعودي اليوم ليس مجرد كبوة عابرة، بل هو أزمة تتطلب حلولاً جذرية وقرارات شجاعة. الجمهور السعودي الذي كان يفتخر بمنتخبه ويعيش لحظات الفرح معه بات اليوم يشعر بالحسرة على أمجاد ضاعت وأداء يفتقد للروح. إعادة بناء المنتخب تبدأ من منح الفرص للمواهب المحلية أو استقطاب لاعبين مجنسين يمكنهم صنع الفارق. فالمستقبل لن يُبنى إلا برؤية واضحة وإرادة قوية لإنقاذ الكرة السعودية من هذا التدهور المؤلم.

مدارس المملكة مليئة بالمواهب الكروية، لكنها تحتاج إلى من يكتشفها ويؤطرها داخل برامج تدريبية منظمة. هنا يأتي دور التوأمة بين وزارة التعليم وهيئة الرياضة؛ لأنها أساس النجاح ؛حيث يمكن أن يؤدي هذا التعاون إلى إطلاق برامج خاصة تستهدف المواهب الطلابية وتضعها على طريق الاحتراف. عندما تعمل المدرستان التعليمية والرياضية معًا، تتعزز فرص نجاح هذه البرامج بما ينعكس إيجابًا على مستقبل الرياضة السعودية.

لإنجاح هذه التوأمة، لابد من استثمار الكفاءات الوطنية من المدربين السعوديين المؤهلين، الذين حصلوا على شهادات تدريبية معتمدة، هؤلاء الكفاءات يمثلون العمود الفقري لأي برنامج رياضي داخل المدارس. من خلال توظيفهم في خطط تدريبية مشتركة بين وزارتي التعليم والرياضة، يمكن الكشف عن المواهب الكروية في وقت مبكر، وصقلها وفق معايير احترافية تعزز فرصها في التميز.

لا يمكن تحقيق أي تطور رياضي دون وجود بنية تحتية متكاملة للمواهب من طلاب المدارس . نحنُ في حاجة إلى توفير مدارس وملاعب نموذجية في مختلف مدن المملكة وهذا جزء أساسي من هذه الخطة. هذه المنشآت لن تكون مجرد أماكن للتدريب، بل بيئة متكاملة تجمع بين التعليم والتطوير الرياضي، مما يسهم في إعداد جيل جديد قادر على المنافسة على أعلى المستويات.

من أجل تحويل هذه الجهود إلى واقع ملموس، يجب أن نضع نقطة إنطلاق بتنظيم دوري مدرسي تحت إشراف هيئة الرياضة. لكن النجاح لا يتوقف عند مجرد إقامة الدوري، بل يكمن في جعله منصة حقيقية للكشف عن المواهب. المطلوب دوري بمخرجات فعلية، بعيدًا عن الصيغ التقليدية التي لا تتجاوز حدود النشاط المدرسي. دوري يُدار بشكل احترافي ويراعي معايير فنية وتنظيمية تساهم في إعداد اللاعبين للمستقبل.

إلى جانب العمل على اكتشاف المواهب الجديدة، لا بد من الاستفادة من خبرات اللاعبين القدامى؛ فهم قوة موجهة ..!هؤلاء اللاعبون الذين قدموا الكثير للرياضة السعودية يمتلكون خبرات ميدانية يمكن استثمارها في توجيه وتدريب الأجيال الجديدة. مشاركتهم في البرامج التدريبية والتطويرية ستضيف بعدًا قيمًا للعملية برمتها.

كلمة أخيرة: إن بناء منتخب قوي يعكس تطلعات المملكة الرياضية يتطلب رؤية متكاملة وجهودًا مشتركة بين جميع الأطراف. التوأمة بين التعليم والرياضة، الاستثمار في الكفاءات، توفير البنية التحتية، وتنظيم دوري احترافي هي محاور أساسية لتحقيق هذا الهدف. بإصرار وتخطيط محكم، يمكن للكرة السعودية أن تحقق قفزة نوعية تعيدها إلى صدارة المنافسات الإقليمية والدولية، وتصبح نموذجًا يُحتذى به في بناء مستقبل رياضي مشرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى