انتبه، فالجمعة البيضاء – كما يطلق عليها في الشرق الأوسط، أو السوداء في الغرب – هي موسم تجمع عصابات الاختراق الالكتروني لاختيار ضحاياهم من بين أصحاب المحافظ المفتوحة بفعل إغراءات المتاجر على مستوي العالم، فالموسم موسم شراء ينتظره الكثيرون لما يحمله من تخفيضات خيالية هي الأشهر والأكبر خلال السنة.
لا يكاد يمضي يومًا دون أن نسمع عن حكايات تعرض الناس للاحتيال الإلكتروني. في دراسة عن مؤشرات الاحتيال العالمي 2024 أجرتها شركة Sumsub، ميزت بين أنواع الاحتيال عبر الانترنت، فهناك احتيال الهوية: حيث تتم سرقة معلومات شخصية واستخدامها لإنشاء حسابات مزيفة. واحتيال الدفع: يتضمن استخدام بطاقات ائتمان مسروقة أو معلومات مصرفية. واحتيال الهندسة الاجتماعية: وهي تكتيكات خداع يتم فيها استدراج الأفراد لكشف معلومات حساسة.
وتحذر الدراسة من زيادة ملحوظة في محاولات الاحتيال بلغت نسبة 67% بين الشركات، وأن 76% من محاولات الاحتيال تحدث بعد عملية التحقق من الهوية. وأكدت ارتفاع معدلات الاحتيال مقارنة بالسنوات الماضية، وأن قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية هي الأكثر تعرضًا لعمليات الاحتيال، مشيرة إلى أهمية اتخاذ التدابير الوقائية المتمثلة في التحقق من الهوية كاستخدام تقنيات مثل التحقق الثنائي، ثم تثقيف وتوعية المستخدمين حول كيفية التعرف على محاولات الاحتيال، وأخيراً الاعتماد على أدوات متقدمة لكشف الاحتيال، فمكافحة عمليات الاحتيال عبر الإنترنت تتطلب تعاون الجميع، من الأفراد إلى الشركات، التوعية والابتكار التكنولوجي هما مفتاحان رئيسيان في الحد من هذه الظاهرة.
فعلا، كثرت الهجمات الاحتيالية بأشكال متفاوتة، مما يتطلب تحسين استراتيجيات الحماية وضمان استمرار الاستفادة من الخدمات الالكترونية، خاصة مع التوجه العام العالمي نحو التحول الرقمي، وزيادة استخدام المنصات الإلكترونية، وهو ما يوفر فرصًا أكبر للمحتالين، خاصة في مجالات الدفع الالكتروني، مما يتطلب رفع الوعي الأمني بمخاطر الاحتيال، والتوعية والتثقيف حول أفضل الممارسات التي يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر. كما أن المستهلكين الذين يسعون للحصول على صفقات سريعة قد يكونون أكثر عرضة للممارسات الاحتيالية، التي تنمو فيما يسمى بـ “أسواق الانترنت المظلم” الذي يوفر ملاذا آمناً للمحتالين حيث يتبادلون المعلومات وبيع البيانات المسروقة.
على الجانب الآخر تقع على عاتق الشركات مسؤولية ينبغي اتخاذها، كاستخدام البيانات لفهم الأنماط السلوكية المرتبطة بالاحتيال وتحديد المخاطر المحتملة، كما عليها المبادرة بالاستثمار في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة للمساعدة في التعرف على الأنماط الاحتيالية بسرعة وكفاءة، إلى جانب أهمية تصميم أنظمة تحقق تحمي من الاحتيال دون تعقيد تجربة العملاء الشرعيين.
ولا شك أن الحماية ضد الاحتيال عبر الإنترنت تتطلب جهدًا مشتركًا من الحكومات، الشركات، والمستهلكين، وعملت العديد من الدول حزم من التشريعات وتكنولوجيا التوعية لتوفير بيئة أكثر أماناً، واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية في هذه الناحية بين دول المنطقة، حيث جاءت الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني بهدف حماية المعلومات وتعزيز الأمان، وعمدت على برامج متعددة للتوعية وتعريف المواطنين بمخاطر الاحتيال الإلكتروني، وكيفية تلافيه. وتتصدر سنغافورة الدول الأكثر قوة في مكافحة هذا النوع من الاحتيال.
وبالعودة للدراسة المتخصصة، التي حاولت أن تقدم أساليب الهجوم وأساليب الدفاع، يتبين أن معظم الهجمات الالكترونية تنطلق من عدد من البلدان في آسيا وأوروبا بنسب متفاوتة في القوة والاستهداف، تتصدرها هندوراس كأسوأ معدل في الأمن السيبراني، ونيكاراجوا كأعلى معدل فساد، ثم الباكستان في معدلات الاحتيال.
وأشارت إلى أن الاحتيال تطور ليصبح تهديدًا معقدًا وغير محدد المكان، حيث يستغل المحتالون تقنيات مثل منصات الاحتيال كخدمة وأدوات الذكاء الاصطناعي، وبالتكنولوجيا أصبح من الأسهل ارتكاب الاحتيالات، حيث يمكن حتى للمبتدئين استخدام أدوات متاحة لتحقيق ذلك، فيما تمثل مقاطع الفيديو العميقة أداة شائعة في الاحتيال، مما يتطلب من الشركات تطوير آليات كشف أكثر تعقيدًا.
نصيحة: قبل أن تدفع أون لاين تأكد من أن خصوصيتك المالية محمية تماما من المتطفلين عبر السايبر.
0