تحتاج الرياضة في أي مجتمع إلى إعلام يتمتع بالموضوعية والمهنية، ويُظهر شراكته الحقيقية من خلال نقل الأخبار وتحليلها بصدق ومناقشة القضايا بشفافية. الإعلام الرياضي يجب أن يكون شريكًا استراتيجيًا لا غنى عنه، وأداة لتعزيز الحوار الرياضي الصحي، لا وسيلة لإثارة التعصب أو تحريك الأهواء.
لكن الواقع يشير إلى تحول بعض المنابر الإعلامية إلى أدوات في يد المتعصبين، ما أساء إلى رسالتها ودورها. سنوات مرت ودائرة التعصب تتسع، حيث أصبحت المشاركة في البرامج الرياضية مرهونة بقدرة المتحدثين على إثارة الجدل، وتجاوز الخطوط المهنية، واستخدام عبارات مستفزة تُضلل الحقائق، ما أدى إلى صعوبة التمييز بين الإعلاميين المحترفين والدخلاء على المهنة.
لضمان استمرارية شراكة الإعلام مع الرياضة وتحقيق أهدافها، لابد من معالجة هذا الانفلات ووضع حد لتأثيراته. الحل يبدأ بتجفيف منابع التعصب وإحلال عناصر مهنية واعية قادرة على تقديم محتوى محايد وهادف، يسهم في رفع مستوى النقاش الرياضي لصالح المتلقي، والأندية، والاتحادات الرياضية.
في ظل رؤية المملكة 2030، التي تشمل تطوير المجال الرياضي كجزء من مستهدفاتها، لم يعد هناك مجال للتسامح مع الانفلات الإعلامي. فمع الاستثمارات الضخمة التي تُضخ في القطاع الرياضي، والمشاريع التي تهدف إلى الانتقال بالرياضة السعودية من المحلية إلى العالمية، يُصبح لزامًا على الإعلام الرياضي مواكبة هذه التطورات النوعية، ودعمها بمهنية ومسؤولية.
أما على صعيد المنتخب الوطني، فإن استقالة مدير المنتخب حسين الصادق تمثل خطوة أولى في طريق التصحيح. لكن علة المنتخب ليست في شخص أو منصب بعينه، بل في منظومة متكاملة تحتاج إلى إعادة النظر في سياساتها واستراتيجياتها. المطلوب هو عمل دؤوب يقوده خبراء رياضيون متمرسون يمتلكون رؤية واضحة لإعادة المنتخب إلى قوته وبطولاته.
التصدي للتعصب الإعلامي هو مسؤولية جماعية، فالتعصب أشبه بمرض خطير ينهش في جسد الرياضة، ويضعف تأثيرها الإيجابي. المرحلة القادمة تتطلب تغييرات جوهرية تعتمد على استراتيجيات مدروسة تسهم في تحقيق طموحات المملكة في المجال الرياضي.