أصبحت الرياضة في مختلف دول العالم وخاصة رياضة كرة القدم تأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامات عشاقها ومحبيها لدرجة تفوق الوصف، وتتجاوز المألوف ! وهنا في الدوري السعودي للمحترفين ونحن بطبيعة الحال جزءًا من هذا العالم فقبيل موعد المباراة للفريق المفضل تبدأ الاهتمامات المتنوعة من محبيه من معرفة موقف الفريق في سلم ترتيب الدوري، إلى معرفة التشكيلة المثالية للمدرب، إلى معرفة عدد المتغيبين عن المشاركة، ويأتي الشغل الشاغل تحديد هوية حكم المباراة من حيث مواقفه المعروفة ضد أو مع الفريق، ومن حيث كونه حكم سعودي، أو أجنبي وبعدها تأتي الحسابات الخاصة …!! ومن ثمّ المرور على استديو التحليل الرياضي والمشاهدة والاستماع لمحلليه، ومن خلال المتابعة يتم الحكم على المحللين وفقاً لميولهم المتعارف عليها، لاوفقاً لارائهم الفنية ويتم عرض تحليلاتهم على مقصلة الهوى الكروي وقليلاً من ينصف هذا المحلل أو ذاك بعد التجرد من الميول، وإن كان من وجهة نظر شخصية يظل المحلل الفني في برنامج أكشن مع وليد القدير عماد السالمي في مقدمة المحللين الفنيين؛ لاطلاعه الواسع، ولآرائه السديدة، وحيادته المطلقة، وعدالته الفنية في الحكم على مستوى اللاعبين وبالتالي على الفريق.
وتقوم الرياضة وبمفهومها الحقيقي على مبادئ جميلة من حيث احترام زملاء الفريق كافة، والخصوم على حد سواء، واحترام المسؤولين، والروح الرياضية في حالة الفوز أوالخسارة، إضافة إلى المزيد من المبادئ الرياضية الراقية، ولكن المشاهد في الوسط الرياضي وللأسف من بعض المشجعين من تبادل الشتائم، والنيل من الآخرين، والتشكيك في الذمم، واختلاق التهم، وتغيير الحقائق الراسخة، وغيرها من أخلاقيات مؤسفة تناسىى أصحابها أن كل كلمة محاسب عليها قائلها حتّى لو كانت في الشأن الرياضي ..! وقد يكون للإعلام الرياضي دور كبير فيها؛ بسبب تعصب بعض الإعلاميين من خلال تأجيج مشاعر الجماهير السلبية تجاه الأندية الأخرى ومنسوبيها؛ بحجة الإثارة المطلوبة فتجد الوسط الرياضي مشتعل عند كل مباراة، وعند كل مناسبة رياضية، والأسوأ في هذا الشأن أن هذا التعصب الممقوت وصل للمنتخب السعودي فأصبح اللاعب يحاسب تبعاً لناديه فقط ..!! فأي تقدم نرجوه لكرتنا السعودية في ظل هذا التشنج المذموم؟ وياليت هذا التشنج وقف عند هذا الحد بل وصل إلى أبناء البيت الواحد، والعائلة الواحدة وهنا الكارثة المؤلمة…!!
إن من المؤلم حدوثه أن تصل نيران التشنج والتعصب الرياضي الأعمى إلى عمق العائلة الواحدة فيحصل بين أفرادها وبسبب ميولهم المختلفة الكثير من المنازعات والمشاجرات التي من الممكن أن تأخذهم إلى حد القطيعة أحياناً فتسقط القيم العائلية الفاضلة والتي غرسها الأفاضل من الوالدين، وذوي القربي من التواصل، والحب، والصدق، والتعاطف، والرحمة، والوفاء وهذا بسبب كرة تركل بين الأقدام ولكن عواقبها الوخيمة تصل وبكل أسى إلى أعماق النفوس. فكرة القدم وفي أفضل مفاهيمها تظل تمارس؛ لإضفاء المتعة والسعادة الوقتية لا..لإشعال الحقد والضغينة، وتظل في كل الأحوال مجرد أوقات عابرة يجب أن لا تأخذ أكثر من حجمها الطبيعي مهما كان، على العكس تماماً تظل الأواصر العائلية، والروابط الأخوية هي القيم الخالدة في حياتنا الاجتماعية، وهي الغاية السامية من فضيلة صلة الرحم، واحترام كل أفراد الأسرة لبعضهم وهذا المأمول، وفي الآخر لمن يملك الفكر الواعي أن يدرك تمام الإدراك أن المجد والشهرة والمنفعة للفريق وحده وليس لك أيها المتابع، وأن واقع اللاعبين خارج الملعب هو صداقة، ومحبة، واحترام متبادل، وتواصل مستمر بينهم فيما يظل المشجع مجرد رقم مجهول من ضمن الأرقام اللانهائية من المشجعين.. فاتقوا الله في أقاربكم.