المقالات

المعلم سعيد الذي أبكاني!

أدرك تمامًا أن علينا الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن الدنيا فانية، وأن هذه الحياة إلى زوال. أدرك أيضًا أن العيش الحقيقي هو عيش الآخرة وأن الحياة الدنيا ما هي إلا محطة مؤقتة للوصول إلى الفردوس الأعلى، حيث الخلود في النعيم، بلا خوف ولا ألم ولا حزن بمشيئة الله تعالى. هناك نلتقي بمن آمنا به دون أن نراه، ونلتقي بمن قال عنا: “متى ألقى إخواني؟ قالوا: يا رسول الله، ألَسْنا إخوانَك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الَّذين آمَنوا بي ولم يرَوْني.” نلتقي بأصحاب رسول الله، بخير القرون، وبالصديق والفاروق وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعًا، ونلتقي بالتابعين، ونشرب من حوض المصطفى شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.

حتى ذلك اليوم علينا بالصبر والاحتساب أمام الابتلاءات العظيمة في هذه الدنيا، وأعظمها مصيبة فراق الأحباب، كمثل مصيبة فراق المعلم الفاضل سعيد محمد بشرف، الذي غادرنا في غمضة عين.

المعلم سعيد الذي أبكاني وأبكى زملاءه وطلابه، بل أبكى جميع من حوله برحيله العاجل المفاجئ..

كان المعلم سعيد رجلًا اتفق الجميع على حبه لجمال خلقه وصفاء سريرته ونقاء قلبه، والناس شهود الله في أرضه. لم أجد يومًا في شخصه ما يزعجني، بل كان دائمًا مثالًا للمبادرة والتعاون، يُلبي مهامه برحابة صدر دون تردد سواء في رخاء الوقت أو شدته. لم يكن يومًا صاحب مشكلة، بل كان دائمًا صاحب الحل.

كم أسعدتنا يا سعيد بابتسامتك الصادقة التي لم تعرف التصنّع، وبأحاديثك الرقيقة التي تخفف عنا عناء الأيام. كنت بحق مثالًا للإنسان النبيل الذي يجمع بين جمال النفس وصفاء الروح.

وداع مؤلم:
في تلك الليلة الحزينة، وكأن قلبي يحدثني بفزع أن هذا هو الوداع الأخير. كان الخبر صادمًا لكل من عرفه؛ بين مصدق ومكذب وحائر. وما زاد الألم رؤية الأحبة يبكون بحرقة: أحدهم جالس في الطرقات تغمره دموعه، وآخر يعانق زميله في بكاء شديد.

ما يخفف من مصابنا أنك غادرتنا بداء لا علاج له، ونرجو من الله أن تكون من الشهداء، وأن نلتقيك غدًا في الفردوس الأعلى من الجنة، حيث النعيم الذي لا يزول، بمشيئة الله.

خاتمة:
عندما نجد إنسانًا لا يحمل في قلبه الحقد، ويتسع صدره للتسامح والعفو، وعندما نجد إنسانًا لا تفارقه الابتسامة الصادقة، فإننا لا بد أن نعلم أن المعلم الفاضل سعيد محمد بشرف كان في مقدمة هؤلاء الناس. رحمك الله، أيها السعيد، وغفر لك، وجمعنا بك في جناته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى