ولد على قمم تضاريس السروات، ونشأ في بيت اعتاد القمم؛ فوالده، رحمه الله، كان شاعر قمة وكريم قمة. كانت عينا شاعرنا تبصر حولها قمماً، ألفتها فعشقتها، وأصبحت شمساً تضيء أفق المستقبل لهذا الفتى الشاعر، الذي انطلق في أولى خطواته إلى المدرسة وهو يرنو إلى القمة. تدرج في سلم التعليم العام وعينه على الجامعة، لكن موهبته الشعرية لم تنتظر إلى ما بعد قمة الجامعة، فانبثقت قريحته شعراً، كان مزيجاً من الإبداع والشاعرية المتدفقة التي أبهرت وأدهشت الساحة الشعرية على قمم جغرافية الوطن الجنوبية.
لم يحجب الشعر التعليم، ولم يحجب التعليم الشعر، فسار المساران بتوازٍ في الاتجاه ذاته، يتسابقان إلى القمة. وصل المساق الأول إلى قمة التعليم، فأصبحت درجة الدكتوراه تقترن باسم عبدالواحد بن سعود الزهراني، لتكون لقباً علمياً مقروناً بلقب الشاعر. وامتداداً لرحلة البحث عن القمم، تدرج في سلم الترقيات العلمية حتى وصل إلى مرتبة أستاذ دكتور.
لم تنتهِ رحلة تسلق القمم عند شاعرنا، بل انطلق في المساق الثاني ليرتقي قمة شعر الشقر، الذي يشكل وقود الموروث الشعبي في المناطق الجنوبية من وطننا الحبيب. ولم يبقَ عند تلك القمة فحسب، بل تجاوزها إلى قمة أخرى في النظم والصور البلاغية شعراً ونثراً.
استمرت رحلة البحث عن القمم، فارتقى قمة الأخلاق؛ إذ دماثة خلقه دائماً ما تلازم نطقه وسلوكه. تناولت قصائده مختلف أنماط ومجالات الشعر، إلا الهجاء والتجاوز الأخلاقي، إذ ظلت في عداء دائم مع شقره ونظمه.
رحلة الأستاذ الدكتور الشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني لم تتوقف عند ذلك، بل امتدت إلى قمة البر. ولا يخفى على من يعرفه ما فعله من أجل والده، رحمه الله، من بر وإحسان. وسأتجاوز ذكر تفاصيل ذلك هنا حتى لا أجرح ثوابها، وأسأل الله أن يتقبل منه كل ما قدم لوالديه.
هنيئاً للوطن بشاعر القمم وأمثاله، ممن عشقوا الوطن، وقدموا الولاء لقيادته، والفداء لترابه الطاهر.