تشهد المملكة العربية السعودية حملات إعلامية مضللة ليست سوى امتداد لتاريخ طويل من استهداف الدول المؤثرة والفاعلة على الساحة الدولية. المملكة اليوم ليست مجرد دولة ذات بعد جغرافي أو اقتصادي فحسب، بل هي قلب العالم الإسلامي ووجهته الروحية. هذا البعد يجعلها هدفًا دائمًا لمحاولات التشويه والتزييف، خاصة مع النهضة التي تعيشها حاليًا، والتي أثارت إعجاب الكثيرين لكنها أيضًا أزعجت بعض الأطراف ذات الأجندات الضيقة والحاقدة.
حادثة ماجديبورج الألمانية تعكس بوضوح كيف تُستغل الحوادث الفردية في توجيه الرأي العام ضد المملكة. بدلًا من التركيز على أفعال المتهم كفرد، جرى الترويج لجنسيته ومحاولة ربط أفعاله بدولة بأكملها، رغم أن هذا الشخص قد اختار منذ سنوات طريقًا معاديًا لمجتمعه وقيمه، بل وحتى الأديان بشكل عام.
الحادثة أغفلت الحقائق السياقية، مثل رفض المجتمع السعودي لهذه الفئة التي تتنكر لقيمه، وركزت على الجنسيات بهدف إثارة حساسيات عرقية ودينية وتوجيه سهام النقد نحو الدول بدلاً من الأفراد، واستغلال الحوادث الفردية لتحويل الأنظار عن القضايا الكبرى، مثل النهضة السعودية الحالية.
رغم هذه الحملات، تبقى المملكة رمزًا للوسطية والاعتدال، ومنارة للعالم الإسلامي في زمن كثرت فيه الأصوات المتطرفة من كلا الطرفين. عبر عقود، قامت المملكة بدعم الحوار بين الأديان والثقافات، ودعم المراكز الإسلامية في أوروبا. المملكة كانت وما زالت داعمًا رئيسيًا للمؤسسات التي تدعو إلى الاعتدال والتسامح، وهو ما يظهر جليًا في جهودها من خلال ملتقيات خادم الحرمين الشريفين للحوار، ودعم الأئمة والدعاة في أوروبا عبر الدورات التدريبية التي تؤكد على قيم الوسطية.
المملكة كثفت الإغاثة الإنسانية ولا تزال تقدم يد العون لكل المتضررين حول العالم، بغض النظر عن الدين أو العرق، وهو ما يعكس التزامها بالقيم الإنسانية.
الهجوم على المملكة ليس أمرًا عشوائيًا، بل وراءه دوافع استراتيجية لتعطيل النهضة السعودية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية الضخمة التي تقودها رؤية 2030. هذه التحولات أثارت قلق جهات ترى في هذه النهضة تهديدًا لمصالحها. الهجوم يركز بشدة على تشويه البعد الديني، كون المملكة مهد الإسلام، فإن أي تقدم فيها يُنظر إليه كتعزيز لدورها القيادي في العالم الإسلامي. كذلك، تُستهدف المملكة لضرب الوحدة الإسلامية، حيث تمثل رمزًا لوحدة المسلمين، واستهدافها محاولة لضرب هذا الرمز وتفتيت القاعدة التي تجمع المسلمين حولها.
التصدي لهذه الحملات
يجب على المملكة والمجتمع السعودي اتخاذ خطوات عملية، مثل تعزيز الإعلام الدولي وإبراز الحقائق ومواجهة الأكاذيب بأسلوب احترافي ومؤثر، والتواصل مع الجاليات المسلمة في أوروبا وغيرها لنشر الرواية الصحيحة عن المملكة وتعزيز صورتها، والتأكيد على القيم العالمية.
السعودية العظمى ليست مجرد دولة ذات أهمية اقتصادية أو سياسية، بل هي محور روحي وثقافي وحضاري. ما يُبذل من محاولات لتشويه صورتها سيظل يواجه جدارًا من الوعي لدى شعبها ومحبيها في العالم الإسلامي. النهضة التي تشهدها المملكة ليست فقط إنجازًا تنمويًا، بل هي أيضًا رسالة إلى العالم بأن هذه البقعة المقدسة ستظل منارة للسلام والتقدم.