عندما نتسأل حول القائد المتواضع، فقد تتبادر إلى الأذهان صورة لشخص لطيف المعشر، قليل الحديث عن إنجازاته، ومبتسم في وجه الجميع. لكن هذه الصورة، وإن كانت تحمل بعض ملامح التواضع، لا تشرح بدقة ما يعنيه التواضع في السياق القيادي. والسبب يعود إلى أن التواضع كـ”صفة شخصية” يختلف كثيرًا عن التواضع كـ”مهارة قيادية” تُمارس بوعي وهدف.
الشخص المتواضع في حياته اليومية هو فرد قد يكون متحفظًا، لا يتفاخر بنجاحاته، ويحترم من حوله، ويترك لهم المجال للحديث. وربما نجد هذا الشخص لطيف الطباع في بيئة اجتماعية أو عائلية، يهتم بالآخرين ويقدم الدعم المعنوي دون أن ينتظر المقابل. هذا النوع من التواضع يُعتبر صفة شخصية محمودة. لكنه مع ذلك لا يترجم تلقائيًا إلى قيادة فعّالة.
لماذا؟ لأنه يمكن لهذا الشخص، رغم تواضعه الشخصي، أن يتولى منصبًا قياديًا ثم يتصرف – دون أن يقصد ربما – بشكل فردي. قد لا يصرخ في وجه الآخرين أو يتكبر عليهم، لكنه يصر على تطبيق رؤيته دون استشارة فريقه، ويقف أمام الأفكار الجديدة بخجل أو تحفظ، لا لكونه مغرورًا، بل لأنه لم يطور بعد مهارة الانفتاح والاستماع والتكامل. هنا نجد شخصًا متواضعًا على المستوى الإنساني، ولكنه كقائد ليس متواضعًا قياديًا، لأنه لا يمارس إشراك الآخرين فعليًا.
على الجانب الآخر، التواضع القيادي هو نهج مقصود، ليس مجرد حالة وجدانية أو سمة شخصية. القائد المتواضع يدرك أن القيادة ليست سباقًا لإثبات الذات، بل منظومة يتكامل فيها الجميع لتحقيق أهداف مشتركة. إنه منفتح على الأفكار، حتى لو جاءت من موظف مبتدئ، ويلتمس الحلول في عقول أعضاء فريقه كافة.
هذا القائد قد يكون شخصًا واثقًا من نفسه، وربما ليس متواضعًا بمعيار الحياة اليومية، لكنه حين يصبح في موقع القيادة، يتبنى عن قصد سلوكيات تشاركية. يرحب بالنقد البنّاء، ويرى في أي اقتراح فرصة للتطوير، ويعترف بقيمة كل عضو في الفريق. إذا ثبت أن رأيه السابق لم يكن الأفضل، يُجري التعديلات المناسبة، غير منشغل بأن يخسر “هيبته” أمام الآخرين. على العكس، يرى في هذا التعديل دليل نضج وقوة.
إنّ التواضع الشخصي يُعد سمة محمودة، لكنه لا يمثل “رخصة” لدخول عالم القيادة المتواضعة. السبب في ذلك هو أن القيادة تحتاج إلى مهارات أعمق من مجرّد اللطف: تحتاج القدرة على خلق بيئة مشجعة للإبداع، وتوزيع الأدوار بذكاء، والاستماع الفعّال، واتخاذ قرارات جماعية مبنية على الحوار. شخصٌ متواضع قد يظن أن عدم رفع الصوت كافٍ ليكون قائدًا متواضعًا، لكنه يغفل جانبًا مهمًا: التواضع القيادي ليس سلوكًا سلبيًا أو مجرد “عدم استعلاء”، بل هو سلوك إيجابي مبني على المشاركة والتمكين.
التواضع هنا كلمة مشتركة، لكنها تأخذ مسارًا مختلفًا حين تنتقل من فضاء الشخصية إلى فضاء القيادة. الأول يعكس صفة: أسلوب حياة بسيط، احترام للآخرين، عدم استعراض للإنجازات. أما الثاني فهو منهجية قيادية تهدف لتمكين الآخرين، وإنشاء منظومة عمل أكثر عدلًا وإبداعًا، حيث يُنظر إلى الجميع كشركاء في النجاح.
•الشخص المتواضع: قد يكون لطيفًا، متفهمًا، ومحبوبًا، لكنه حين يقود قد لا يتيح الفرصة للحوار أو لا يستثمر مواهب الآخرين، إما لأنه يجهل ذلك أو لا يراه ضروريًا.
•القائد المتواضع: ليس بالضرورة متواضعًا في كل شؤون حياته، لكنه كقائد يوظّف التواضع كأداة تمكّنه من بناء فرق متماسكة، تشاركية، تنطلق بحرية نحو الأفكار الجديدة. إنه يتنازل عن التمسك برأيه إذا ظهر الأفضل، ويتقبل النقد بثبات، محدثًا فرقًا واضحًا بين “اللطافة الشخصية” و”التواضع كمهارة قيادية فعّالة”.
في النهاية، التواضع القيادي ليس مجرد لطف شخصي، بل هو فلسفة عمل تستهدف جعل الفريق شريكًا في صنع القرار، وتحويل التواضع من شعور عابر إلى إطار عمل فعّال. بهذا، نفهم أن المتواضع شخص يُحترم، أما القائد المتواضع فهو من يخلق بيئة احترام وتقدير تُمكِّن الجميع من الازدهار
10
التواضع من سماتك القيادية الناجحة، وكأنني أراك ابعد ممن انت فية الان.
كل الحب والتقدير لسعادتكم.
ونعم القائد
كثر الله من امثالك ابدعت
مقال جميل يوضح الصفات والسمات الشخصية والعملية
واتمنى من كل شخص قيادي ان يقراء هذا المقال
كل الشكر للكاتب المميز حسين البحيري ولصحيفة مكة الالكترونية
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كلام جميل في توضيح الفرق بين تواضع وآخر ولكني أحب أن أضيف أن القيادي المتواضع أعم وأشمل بمعنى أن كل قيادي متواضع لا بد أن يكون كذلك متواضعا في شخصيته .
وهذا التواضع من أعظم خلق أهل الإسلام .
فبارك الله فيك مهندسنا الغالي حسين .
فأنت قد جمعت خصالا كثيرة في التواضع فأسأل الله أن يبارك فيك ويكتب لك الإخلاص في القول والعمل ومتابعة نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم
ونعم الشخص في التواضع والتعامل مع الأزمات لحل المشاكل بطريقة سلسة وهذا الشي يدل على التواضع والحكمه وحسن التصرف ومحبة الناس له
لافض فوك مهندس حسين وكلامك عين العقل لكن لابد ان يكون هناك ظهور بالقايد الحر الذي كلمته هي النافذة والمسيطرة لان غالبية الزملاء مالهم الا الظاهر
ولكن في سياستك وقناعتك تطبق ما اسلفت انفاً
شخصيه حسين البحيري شخصيه قياديه في حسن التواضع وهي سمه النجاح مما يودي الي الاستقرار والسعادة في التعامل .
عكس الكبرياء الذي يودي الي عدم الاسمرار والفشل في التعامل.
أخي الكريم سعادة المهندس حسين،
أود أن أعبر عن خالص شكري وتقديري لك على مقالك الرائع والمميز حول فن القيادة ورسم التواضع.
لقد كان طرحك ثريًا ومُلهمًا، ولامس أعماق هذا الجانب الإنساني المهم في القيادة. لا شك أن التواضع هو السمة التي تجعل القائد محبوبًا ومؤثرًا، ويُظهر الجانب الإنساني الذي يجعل القيادة فنًا قبل أن تكون مهارة.
الشكر لك على هذا الإبداع الذي أضاء لنا زوايا جديدة في عالم القيادة.
مع أطيب التمنيات لك بمزيد من التميز والإبداع.
فعلا أي عمل يحتاج إلى قائد مبدع بالذات الأعمال التي يشترك بانجازها أفراد متعددين لتوجية الجهود إلى تجويد وانجاز المهام