المقالات

اعتذار شديد اللهجة للحكومة

همس الحقيقة
طالب اللاعب المعروف والنجم الكبير “عبده عطيف”، في برنامج “في المرمى” من كل من هاجم نجم نادي الاتحاد كريم بنزيما بالموسم المنصرم، بعد ما قدّم مستويات فنية رائعة وإبداعًا كرويًا هذا الموسم، بالاعتذار له.

تحقيقًا لمطالبة عطيف، فأنا لا أستطيع أن أنكر أنني كنت الأكثر والأشرس انتقادًا لـ”الحكومة”، وبالتالي أقدّم له اعتذارًا شديد اللهجة تقديرًا لحالة النجومية التي أظهرها هذا الموسم، والأهداف التي سجلها، ودوره الكبير في تصدّر الاتحاد للدوري، ثم المستوى الفني الكبير جدًا الذي قدّمه في الكلاسيكو الذي انتهى بفوز العميد بركلات الترجيح على بطل الموسم الماضي، نادي الهلال.

اعتذاري مبني على حقائق دامغة، وذلك من عدّة زوايا ونقاط مرتبطة بأحداث ونتائج تضرر منها كثيرًا الاتحاد، مما دعاني لمطالبته بالاعتزال أكثر من مرة احترامًا لتاريخه، بعد ما شاهد الجميع انخفاضًا قاتلًا في مستواه لا يُصدَّق، إضافةً إلى “غيرة” وخوفًا على العميد الذي أصبح يُهزم من الهلال سبع مرات في موسم واحد ومن أضعف الفرق أيضًا.

كنا، يا عزيزي عبده عطيف، نظن أن لقب “الحكومة” الذي لُقّب به هذا اللاعب الأسطوري مبني على أدائه في الملعب، إلا أنه عقب تعاقد نادي الاتحاد معه، شاهدنا ولمسنا قوة نفوذه وشخصيته مطبقًا هذا اللقب عمليًا. فمن خلال تواجده مع العميد لموسمين متتاليين، جاءت البداية واضحة بعدم رضاه عن المدرب “نونو سانتو”، وعلى إثر المستويات السيئة، ثم المشاكل التي حدثت بينهما، تم تنفيذ أمر الحكومة، وأُلغي عقد واحد من أفضل المدربين الذين مروا على الاتحاد وعلى أندية الكرة السعودية.

لم تتوقف هيبة الحكومة وقدرته على صناعة القرار وتنفيذه بأمر منه، إنما سُحبت شارة القيادة من اللاعب روما وأُعطيت له، وكذلك سُحب رقم 9 من هداف الفريق ونجمه الكبير “حمد الله” ومنح للحكومة. حتى لما عُيّن المدرب الأرجنتيني لم يكن بنزيما راضيًا عنه إطلاقًا. وبالتالي، تواصلت المستويات الفنية السيئة له، والإصابات المتعددة المتكررة، والغياب عن التدريبات، وتسجيل أهداف بالرأس ضد الاتحاد أكثر من مرة، وإهدار أكثر من ثلاث ركلات جزاء. وحينما طلب المدرب إبعاد بنزيما والبحث عن لاعب ونجم كبير بديل له، تمّت إقالة المدرب تقديرًا لهيبة ومكانة الحكومة.

الأمر لم يقتصر عند هذا الحد، إنما وصل إلى رئيس النادي المنتخب المهندس لؤي ناظر، الذي مُنح الصلاحية من قبل مجلس الإدارة الربحية والرئيس التنفيذي والمدير الفني لاختيار حارس مرمى ولاعبين أجانب. ولم يكن بنزيما موافقًا على اختيارات “أبو هشام”، وبالتالي تراجع مجلس الإدارة عن موقفه من تلك الصلاحيات ومنحها بالكامل لـ”الحكومة”، مما أدى إلى تقديم ابن الناظر استقالته لوزير الرياضة.

ولو تأملنا من كان صاحب السلطة في اختيار المدرب لوران ثم حسام عوار وغيرهما، لوجدنا أن الأمر في الأخير كان بأمر الحكومة، حيث تمّت الاستجابة الفورية لطلباته.

ولك أن تعلم، يا عزيزي عبده، أن الدرس الذي قدّمه بنزيما بالموسم الماضي بسبب “فوضوية” القرار عند صناع القرار، سواء عند الإدارة السابقة المستسلمة “المسلوبة” منها صلاحية اتخاذ القرار، قدّم الحكومة لمن يهمه الأمر دروسًا “أستاذ ورئيس قسم”، جعلتهم يستفيدون جيدًا من هذا الدرس. وبالتالي، لم يكن أمامهم من حل لا بديل له سوى عدم التلاعب مع هذا النجم العالمي الذي دُفعت له ملايين الملايين في سبيل التعاقد معه، والاستجابة لأمر الحكومة.

لهذا، لا أجد غضاضة أو حرجًا بتقديم اعتذار شديد اللهجة للحكومة بنزيما، الذي قدّر حجم اسمه ونجوميته ومكانته، فكسب رهان التحدي “حتى الآن”، والعبرة بالخواتيم، وأعني تحديدًا البطولات.

عدنان جستنية

كاتب وناقد صحافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى