في عالم صناعة الأفلام دائمًا ما كان هناك صراع داخلي بين تقييمين أساسيين هم تقييم النقاد والمحكمين المتخصصين، وتقييم الجمهور العادي كمشاهدين أو حتى كصناع أفلام، يُطرح السؤال دائمًا من يمتلك الحكم النهائي على جودة العمل؟
فمن وجهة نظري كإعلامية، أرى أن رأي الجمهور يحتل مكانة جوهرية لا ينبغي تجاهلها، بل قد يكون هو المقياس الحقيقي لنجاح أي فيلم، ولكن غالبًا ما يرتكز الحكام على معايير تقنية دقيقة تتعلق بالإخراج والتمثيل وكذلك السيناريو والتفاصيل الفنية الكثيرة لأن هذه المعايير تضع الفيلم تحت عدسة تحليلية تظهر قيمته الفنية بعيدًا عن التحيز أو العاطفة فعلى سبيل المثال، الأفلام التي ترشح للجوائز الكبرى
مثل “الأوسكار” أو “كان “، فهي تقيَّم بناءً على تفاصيل لا يدركها الجمهور عادة كالإبداع في المونتاج أو الابتكار في التصوير السنيمائي لكن هذا التقييم الاحترافي رغم أهميته قد يعزل العمل الفني عن الضوء والجمهور، فكثير من الأفلام التي تحظى بثناء الحكام تقابل ببرود من المشاهدين حيث يرونها معقَّدة أو مملة أو لا تلامس قلوبهم فهناك علاقة طردية غالبًا بين رأي النُّقاد أو الحكام في الاحترافية والعمق الفني.
ولكن من وجهة نظري رأي أميل في الغالبية لرأي الجمهور وعين المشاهد، لأن الجمهور هو الصوت الحقيقي للفن،،، ببساطة! لأن الجمهور هو السوق النهائي والرأي العام وصدى الشي لأي عمل فني في هذا العالم، فالأفلام ليست مجرد قطع فنية تعرض في المتاحف، بل هي قصص تحكى وتروى وتعيش في ذاكرة الجمهور للأبد حتى يصل تأثيرها إلى عقولهم، فالجمهور يمثل القاعدة العريضة التي يوجه لها صناع الأفلام أعمالهم صحيح أن الجمهور لا يهتم كثيرًا بالتقنيات الفنية المعقدة فرؤيته الفنية ليست كرؤية المختص، ولكنه يركز على القصة، المشاعر، والرسائل التي تصل إلى عقولهم قبل قلوبهم من فيلم بسيط من حيث الإمكانيات التقنية قد يحقق نجاحًا هائلًا إذا تمكن من ملامسة قلوب الجمهور، وهنا يظهر السؤال المحوري هل يمكن تجاهل الملايين الذين أحبَّوا فيلمًا فقط لأن الحكام والمختصين رأوا أنه يفتقر إلى “الإبداع الفني؟” بالطبع لا! فالنجاح الجماهيري هو ما يمنح الأفلام حياة أطول للفيلم حيث تنتقل عبر الأجيال وتصبح جزءًا من ثقافتهم.
كذلك أرى بأن التوزان بين الرأيين شي مهم جدًا فلكلٍ من الحكُّام والجمهور دورٌ في تقييم الأفلام، ولكن هذا لا يعني أن نصبح أسرى لمزاج الجمهور فقط، ولعله الحل الأمثل هو تحقيق التوازن بين الرأيين يعني بشكل أدق الجمع بين الرؤية الفنية التي يقدمها المحكمون، والانطباع العاطفي والشعبي المتداول بين الجمهور وأفكارهم التي يقدمها الجمهور فيجب علينا الاستماع للجمهور لأنهم بطبيعة الحال يستهلكون العمل الفني بدون تعقيد ويقيمونه بناءً على تجربتهم الحقيقية لدى الأفلام التي تلقى استحسانًا جماهيريًا غالبًا ما تحقق أرباحًا وتستمر طويلًا في الذاكرة، حتى أن الرسالة الحقيقية هي التي تصل إلى الجمهور وتؤثر فيهم وإن لم تصل فماهي فائدتها؟
أخيرًا… الفن يجب أن يُلهم الناس ويجعلهم يضحكون، يبكون، أو يتفكرون في الحياة وإذا كان هناك جهة تحكيم واحدة قادرة على قياس هذا التأثير بصدق، فهي الجمهور لذا، دعونا نستمع إلى صوت الأغلبية فهو يحمل الحقيقة الأصدق عن أي فيلم، فقد يكون رأي الحكام مهمًا في توجيه الصناعة نحو الابتكار، لكن يبقى الجمهور هو المقياس الأهم لنجاح الأعمال السينمائية فصوتهم هو ما يحول الفيلم من مجرد عمل فني إلى ظاهرة ثقافية.
0