يتردد مصطلح الطاقة الإيجابية في الأوساط الاجتماعية بكثرة، حيث يشير إلى كمية الارتياح والسرور التي تجتاح المشاعر نسبة إلى حصول أحداث مفرحة وجميلة في حياة الناس. وبذلك، فإن الطاقة الإيجابية تعطي الإنسان شعورًا بالاستقرار والراحة النفسية والقدرة على التكيف مع الحياة وأحداثها. فهي طاقة تحمل في طياتها الحب والعطاء والتفاؤل. أما الطاقة السلبية، فتزرع في قلب صاحبها القلق والتوتر والخوف المستمر، وتقوده إلى النظرة السوداء للحياة بكل معطياتها، مما ينعكس سلبًا على سلوكه الذي يتحول إلى البغضاء والكراهية والسلبية والتشاؤم.
بطبيعة الحال، هناك مصادر لتوليد الطاقة الإيجابية، أهمها وأقواها على الإطلاق الإيمان بالله تعالى، الذي يبث في النفس الاستقرار والرضا والثبات، ويولد النظرة الإيجابية للحياة. ويمكن القول إن قوة الإيمان تنعكس مباشرة على قوة الشخصية وإيجابيتها. فمن أقوى دلائل الشخصية الإيجابية أن يتمتع صاحبها بالحصانة النفسية والعقلية التي تحميه من الانحرافات والأهواء والتبعية السلبية للآخرين. وهذا يتحقق بالإيمان وتدبر آيات القرآن.
ومن مصادر الطاقة الإيجابية أيضًا، اختيار الأصحاب والجلساء. فكلما كان الاختيار صحيحًا، كلما تعززت الطاقة الإيجابية. ولذا، فقد شبّه الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام، الجليس الصالح بحامل المسك، حيث ضرب مثلاً لتأثير الرفقة والمجالسة في حياة الإنسان وفكره ومنهجه وسلوكه. فالرفيق الصالح يشبه حامل المسك، إما أن تكسب منه الريح الطيبة أو يهديك مسكًا. لذا، فإن الأشخاص الإيجابيين هم أكثر فئات المجتمع طلبًا لعقد الصداقات معهم، وأكثر تأثيرًا وقبولًا من غيرهم، والعكس صحيح. وما أجمل قول الشاعر:
من لا تجانسه احذر مجالسه… ما ضر بالشمع إلا صحبة الفتل.
ومن المصادر الهامة للطاقة الإيجابية وجوب الانتقاء الفكري والتغذية السليمة للعقل، والتي تتحقق بتتبع وقراءة الأخبار الإيجابية التي تولد الطاقة الإيجابية وتشعر الفرد بالتفاؤل والإيجابية نحو الحياة. فماذا سيستفيد المرء من تتبع الأخبار السيئة والحوادث السلبية التي تجلب النظرة التشاؤمية السوداء؟ إن هذا السلوك المشين يشكل خطرًا على تكوين الشخصية، وينعكس على السلوك العام للفرد وانحصار دوره في المجتمع.
ومن أهم مصادر الطاقة الإيجابية أيضًا، اتخاذ القدوات الإيجابية في المجتمع وأصحاب النجاحات التي نتجت عن شخصيات إيجابية متكيفة مع الحياة ومنسجمة مع الأحداث.
هذا وإن من الثمار الملموسة للطاقة الإيجابية ما نلاحظه على عقلانية وتوازن صاحبها، فنجد أنه يشعر بالراحة والسعادة والطمأنينة، ويسعى لنشر الخير ويتمنى ذلك للآخرين. مما ينعكس على أدائه في عمله اليومي ومحيطه الأسري والمجتمعي، ونجاحه الدائم في مختلف جوانب وشؤون الحياة. وفي الوقت ذاته، تسهم الطاقة الإيجابية في ترابط المجتمع وتماسكه، وترسيخ التآلف وانتشار المحبة بين أبنائه، ليكونوا كالبنيان المرصوص.