تختلف حرائق الغابات في كليفورنيا هذا العام عن الاعوام الماضية، وخاصة في أرقى الاحياء في لوس أنجلوس لتبدوا من بين أكثر الكوارث الطبيعية تدميرا في الولايات المتحدة، لتسببها بخسائر بشرية ومادية جسيمه للمنشأة الرسمية والتجارية والشعبية، حيث بلغت خسائرها الاقتصادية حسب التقديرات الاولية ما يقارب 150 مليار دولارواحتمالية ارتفاعها لتصل إلى 275 مليار دولار، وأعتبارها من أكثر الكوارث تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية. فقد تم تدمير ما لا يقل عن 10,000 مبنى، وإحتراق أكثر من 153.8 كيلو متر مربع. وشملت الخسائر الاقتصادية الاضرار التي لحقت بالمنازل، الاعمال التجارية، البنية التحتية، والمركبات، وتكاليف الرعاية الصحية، الاجور المفقودة، وتعطل سلاسل التوريد. ونظرا لاستمرار الحرائق في بعض المناطق، قد تتغير هذه الارقام مع تحديث التقديرات واحتساب الاضرار النهائية، مما جعل فرق الاطفاء تحديات كبيرة في السيطرة على الحرائق بسبب الرياح القوية والظروف الجوية الجافة، مما يزيد من صعوبة احتواء النيران والحد من انتشارها. وما حدث في كاليفورنيا هو قدر إلهي، بأسباب كثيرة منها: إندلاع الحرائق بسبب الجفاف في مناطق الغابات الكثيفة، سقوط خطوط الكهرباء أثناء انتشار الرياح القوية واندلاع الشرر، صواعق تضرب الغابات الجافة والعواصف الرعدية، انتشار الحرائق الموقدة للمناسبات لاحتفالات الشواء وانتشارها بسرعة الرياح، والحرائق المفتعلة على يد أشخاص لأغراض تخريبية. هذا بالاضافة دور التغير المناخي، والمسؤولية البشرية بالاهمال أو السلوك المتعمد، ضعف إدارة الموارد للطبيعية للغابات، والرياح الجافة ودورها في تأجيج النيران. وحرائق كاليفورنيا ليست مجرد كوارث بيئية، بل فيها إنذارات إلهية تسعى لإحجام طغيان الانسان في الارض لتعديل سلوكه. وفي المقابل أيضا لها تجديد للنظام البيئي لنمو نباتات جديدة، تحسين خصوبة التربة، التخلص من النباتات الجافة، القضاء على الحشرات الضارة، الحد من انتشار الامراض، وتهيئة بيئات جديدة للأنسان والحيوان، اعادة التوازن الطبيعية، وتقليل خطر الحرائق الكبرى، والعمل على اتخاذ إجراءات حديثة للحد من تدمير الغابات والمناطق الخضراء، وتقليص الزيادة في الانبعاثات الكربونية، والتخلص من التصحر وفقدان خصوبة التربة، والنجاح في تجنب الدخان، علاج الامراض المزمنة، وتجنب الخسائر في الممتلكات والبنية التحتية.
وأدت هذه الكارثة إلى ظهور جهود الإغاثة والتطوع للمساعدة في الإجلاء، وإيواء المتضررين، توفير الاحتياجات الاساسية، حملات التبرع المالية والعينية، وتوفير الدعم النفسي للمتضررين، بتعاون السكان مع بعضهم البعض بمساعدة كبار السن وذوي الإعاقة، والحيوانات الاليفة، إلى المساعدات من ولايات أخرى، مع المساعدات الدولية، والعمل الجماعي لمواجهة الكوارث، والبحث عن الاختراعات التقنية الحديثة لتجنب تكرار مثل تلك الكوارث بالبحوث العلمية، ونظرا لأن كارثة حرائق كاليفورنيا ليست سبب واحد فقط، بل هي مزيج من عوامل طبيعية وبشرية واقتصادية، والتصدي لها يتطلب تظافر الجهود الأمريكية والدولية للحد من انتشار ظاهرة الحرائق في المجتمع الامريكي ومختلف المجتمعات. وما سينتج عن ذلك من انتعاش اقتصادي وإعادة أعمار وظهور مجتمعات ببنية تحتية حديثة.
عضو هيئة تدريس سابق – بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
0